الغضب العربى من قطر جاء قويا وصادما من أقرب جيرانها، فاض الكيل بالسعودية والإمارات والبحرين من ممارسات الدولة الجارة التى تجاوزت كل الخطوط الحمراء فى علاقات الجيرة وحسن الجوار، ودخلت فى «طوق النار» الخليجى الذى لن تنجو منه إلا إذا عادت إلى سبيل الرشد والصواب، البيان الثلاثى من الدول الخليجية الثلاث بسحب سفرائها من الدوحة، سابقة دبلوماسية فى تاريخ علاقات دول الخليج منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجى فى 25 مايو 1998، بعد أن هددت من قبل قطر بتجميد عضويتها فى مجلس التعاون إذا لم تتخل عن سياسات دعم جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيمها الدولى، ودعوة رموز التطرف والإرهاب والتحريض للإقامة فوق أراضيها، والتدخل فى شؤون الدول العربية بتمويل جماعات العنف ومحاولة زعزعة الاستقرار فى دول الخليج، وآخرها الشكوك فى تورطها فى التفجير الأخير فى البحرين الذى أسفر عن وفاة عدد من ضباط الأمن، من بينهم ضابط إماراتى.
الغضب الخليجى ربما تزيد حدته خلال الأيام المقبلة، إذا لم تعلن قطر التزامها باتفاقيات مجلس التعاون والتعهدات الأخيرة فى قمة الكويت بالتخلى عن دعم التنظيمات والجماعات الإرهابية وطرد عناصرها، وعلى رأسهم يوسف القرضاوى، وإعادة النظر فى مواقف قناة الجزيرة من قضايا المنطقة، خاصة الموقف من مصر بعد ثورة 30 يونيو، وتحالف الدوحة مع الأنظمة المعادية ضد دول الخليج ومصر، وقطر تدرك جيدا أن الغضب الخليجى، وتحديدا القادم من الرياض، لن تستطيع تحمله، اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا، واشتعاله لن يخدم العائلة الحاكمة فى قطر، فقد أعلنت الرياض من قبل أن لصبرها حدودا، وحذرت الدوحة من نفاده، فاللعب فى المنطقة ذات الطبيعة السياسية والاجتماعية والسكانية الخاصة يفوق قدرات وإمكانات ورهانات «دولة الجزيرة» ويدفع بها إلى التهلكة الأكيدة مهما كان رهانها على واشنطن أو أنقرة أو تل أبيب، والصراع السياسى القديم والتقاطع فى المواقف بين الدوحة والسعودية بعد تولى حمد بن جاسم الحكم وانقلابه على أبيه، لا تتجاهله الذاكرة السياسية لدول المنطقة، وتورط الدوحة فى التنظيم السرى للإخوان فى الإمارات أشعل الغضب، الأيام القادمة تحمل غضبًا أشد على قطر إذا لم تسارع الدوحة للعودة إلى العقل والصواب، وطرد كل أئمة العنف والإرهاب من أراضيها، والتوقف الفورى عن دعم وتمويل الجماعات الإرهابية.