ذهب رجل لعرافة وسألها أن تقرأ له الطالع، فقالت له العرافة: يا بنى هتعيش عشر سنين فى فقر شديد وحالة صعبة. فامتعض وعاد ليسألها: طيب وبعد العشر سنين. ردت العرافة بكل ثقة: هتكون اتعودت.
هى نكتة تشبه كثيرا طريقة بعض المناضلين من «فيسبوكهم»، أو من يعتقدون دائما أن نشر الكآبة والتركيز على السواد، وأن النضال غاية وليس وسيلة لتحقيق أهداف، بالنقاط وليس بالضربة القاضية. ولا يدركون أن الثورة تقوم على الأمل، ومن دون الأمل لا يمكن لأى قائد أن يحفز من حوله للانضمام إليه.
ولا مانع من اتخاذ مواقف ناقدة ورافضة أو مؤيدة، بشرط أن تقوم فى كل الأحوال على منطق، أو تقدم بديلا لما هو مطروح، ومن دون بديل يبقى رد الفعل غالبا فى خانة «عواجيز الفرح» ممن يمصمصون شفاههم، ويشكون وينتقدون الرائح والغادى، من دون أن ينظروا لأنفسهم. ثم إن المبالغة فى تنغيص واقع الناس قد يدفعهم لليأس، وليس إلى الثورة.
رأينا من كان ينتقد حكومة الببلاوى لأنها بطيئة. هو نفسه ينتقد محلب لكثرة تحركاته ومن كانوا يتهمون حكومة الببلاوى بالسلبية عادوا ليقولوا «ماذا سيفعل محلب بتحركاته وزياراته». وهناك من يصر على مطالبة الحكومة المؤقتة التى عمرها بحد أقصى أربعة شهور أن تقدم برنامجا لإصلاح كل عيوب النظام، وتراكمات السنوات الماضية. ومن يتحدثون عن ضرورة تعديل الأجور وتحقيق المطالب الاجتماعية يرفضون أى تعديل فى منظومة الدعم لضمان وصوله لمستحقيه، ولا يعرفون أن تحقيق البرنامج الاجتماعى، له ثمن تدفعه الفئات الأكثر قدرة، فى صورة ضرائب، وتدخلات فى توزيع الثروة.
ستجد من يطالبون بالعدالة يرفضون الاقتراب من مكاسبهم ومصالحهم، وكأن هذه العدالة سوف تتحقق وحدها من دون برامج. وفى النهاية سيبقى كثيرون فى رد الفعل ويندهشون من انصراف الناس عنهم.
ومثل العرافة يبقى بعض كبار قادة «التنغيص العام»، فى رد الفعل، واللطم والإفيهات، يقولون للناس إن حياتهم سيئة وأنهم فقراء وسوف يغوصون أكثر فى الفقر. والناس تعرف أن أحوالها على ما يرام، وعندما يسألون: ماذا نفعل قولوا لنا؟. يرد هؤلاء «العرافون»: أنتم شعب لا تعرف مصلحتك وتصمت وتسكت وتتمرغ فى الفقر. فإذا بالناس تنصرف وهى تضرب كفا بكف. عمن يدعوهم للتغيير ولا يتغير.