باسل عادل

نحو دولة الشراكة والتفاعل

الأحد، 09 مارس 2014 07:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مجال المال والأعمال تتعدد أنواع الشركات والمؤسسات، فمنها الشركات ذات الكيان القانونى الفردى، وشركات التوصية البسيطة والشركات المساهمة، وفى السياسة أيضا تتعدد أنماط الحكم من فردى مستبد، إلى حكم الوصاية على الشعب، وأيضا الحكم الديمقراطى الذى يشترك فيه الجميع. لقد جرب الشعب المصرى حكمى الفرد والوصاية طوال تاريخه الطويل، ولم نعرف حكما اشترك فيه الشعب بشكل حقيقى ولكننا عشنا محاكاة للحكم الديمقراطى فى صوره وأشكاله يتمثل فى شكل كرتونى غير حقيقى، فلقد افتقد إلى جوهر المشاركة الحقيقية وابتعد تماما عن حكم الشعب لنفسه عن طريق اختياراته الحرة، وظل خيار الشراكة غير مطروح بين الحاكم وأتباعه، وأيضا بين الحاكم وشعبه، إلى أن قامت ثوره يناير 2011 فغيرت المفاهيم وأرست قواعد جديدة من التشارك الفعلى فى الميدان ثم طورت هذا التشارك الثورى الاحتجاجى إلى تفاعل سياسى حقيقى مع مؤسسات الإدارة والحكم، وتم عمل أول انتخابات ديمقراطية حقيقية فى تاريخ مصر، حيث تم انتخاب أول برلمان حر بعد ثورة يناير 2011، ثم بعدها انتخابات الرئاسه فى يونيو 2012، وهكذا بدا أن التحول الديمقراطى يأخذ طريقه الصحيح أخيرا إلى أن انحرفت جماعة الإخوان واحتكرت هى الأخرى البلد وأممته لصالح الجماعة دون أى اعتبار لباقى الشركاء فى هذا الوطن وهم عموم شعب مصر.
نعم كانت محاولات الإشراك فيما بعد يناير محبطة فى نتيجتها إلا أنها كانت مهمة جدا وأهميتها فى أنها كانت كاشفة، حيث إنه بدونها لم نكن لنتمكن من معرفة هوية الإخوان المنحرفة عن خطوط الوطنية المصرية العريضة، لذا ولهذا ليس لدينا خيار آخر أبدى وأنجع من خيار الديمقراطية والتشارك.
لقد مرت مصر بمراحل عدة من الإقصاء والإبعاد للمواطنين عن الشراكة السياسية، وأيضا منذ ثورة يناير تعددت محاولات الإبعاد والإقصاء على عدة مقاييس، منها مسطرة «الفلول» التى لم يكن لها معيار أو توصيف، ولكنها كانت مظلة واسعة استبعدت كل من كان داخل أو حول أو بجوار أو على البعد من الحزب الوطنى، بينما سمحت لمنافسيه فقط بالدخول لحلبة العمل السياسى، وتطور الأمر إلى أن تم هذا العزل والإقصاء عن طريق دستور الإخوان دون تمييز بين مفسد أو فاسد أو مغلوب على أمره، ومارس الإخوان الإقصاء والإبعاد نفسه للجميع أيضا على مسطرة «الدين والتدين» الذى زعموه، وأقصوا كل المصريين بل تطرفوا ودعوا عليهم الله فى جمع غفير من الملتحين فى استاد القاهرة!!
لم تفلح مساطر الإقصاء بل انقلب السحر على الساحر، وقامت ثورة 30 يونيو فى دلالة فارقة على أن الشعب المصرى لا يستوعب الإقصاء بل يرفضه ويتقاطع معه فى تنافر كبير، وبعد تلك التجربتين والثورتين علينا أن نتعلم أنه ليس أمامنا بد من صنع أرضية مشتركة للشراكه بين كل أبناء الوطن مع إبعاد كل من «فسد وأفسد» أو استخدم «العنف والقتل» فى مواجهة المصريين، صنع الشراكة ضرورة قصوى لتضمين السلام الاجتماعى داخل نسيج الشعب المصرى، وأيضا لإشراك الجميع فى القيادة والقرار والمسؤولية.
يجب أن تزال كل حواجز الفرقة بين كل الفرقاء السياسيين وليجتهد الجميع لخدمة الوطن، فلن ينجح حكم لمصر إلا إذا اشترك فيه الجميع من ثوار شرفاء، وأعضاء الحزب الحاكم السابق الذين لم يتلوثوا أو يلوثوا أو اشتركوا فى فساد سياسى قبل يناير، وليدخل التكنوقراط المصريون هذه المعادلة لأنهم ذخيرة الإنتاج الناجزة، تلك المعادله الثلاثية الأطراف لا بد أن نؤسس لها من الآن ونعمل على تحقيقها، ونتوقع مكامن إخفاقها ونحاول أن نتحوط لها، لأن مجتمع البناء يعتمد على كل السواعد، فتلك المصالحة بين الجميع «دون الفاسد والقاتل» والتوحد معا هى شريطة التقدم، علينا أن نضع خريطة ذلك الاندماج ونسقطها على المستقبل، لا بد أولا أن تحدد معالم هذه الشراكة ومحدداتها، ولا بد أن نتفق على قسوة الماضى وضرورة تغييره، وأن يعتذر من أخطأ عن خطأه، فلا فكاك من تكوين معادلة سلام تستوعب الجميع، لا بد أن نبنى معادلة التطور السياسى على اعتراف جاد ويقظة رافضة لكل عوامل الاستبداد السياسى والفساد الذى عانته مصر قبل الثورتين الشريفتين، فلن نتفق على المستقبل أبدا دون الاعتراف بمساوئ الماضى، هكذا تتبلور قواعد التطور والتنمية.
من الأهميه بمكان أيضا أن نذكر أن جزءا كبيرا من آليات الشراكة والتفاعل يرتبط بإرادة الحاكم القادم المنتظر وأدواته للتمهيد لذلك، على «المرشح الرئيس» أن يظل يقظا لصنع أرضية تفاهم وتشارك وتفاعل بين كل الفرقاء السياسيين، لا بد من التفاعل مع الشباب فبدونهم يختفى العامل الحفاز لأى معادلة استقرار وتطور، الحملة الانتخابية للرئيس القادم من الممكن أن تكون إشارة البدء فى خلق تفاعل صادق حول هدف واحد بين كل الفرقاء والمتشددين، فليس خفيا أن معادلة النجاح دائما تستوعب الكثيرين وتحفزهم.
بات واضحا أيضاً استحالة العودة للوراء، ولكن بدون الجميع أيضاً لن تكون هناك حركة للأمام، لأن هموم الوطن ثقيلة ولا ينقصها معادلات الإقصاء المتبادلة، لأنه من المعلوم بالضرورة أن يناير ثورة عظيمة ملهمة حتى إن طال البعض القليل من الأسماء المحسوبة عليها بعض الشوائب، وأيضا مستقر فى وجدان مصر أن يونيو ثورة ذكيه قام بها الشعب المصرى بقطاعاته العريضة وعمقه الطبقى الكبير، فلن تطفئ ثورة جذوة الأخرى، ولن تشعل إحداهما النار فى الثانيه، الاثنتان تتكاملان وتتعاظمان معا، والتفاعل بينهما فى صالح الحكم والحاكم، والعودة لمعادلة شراكة عادلة ومنصفة أمر ضرورى لاستقرار وتقدم هذا الوطن.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة