للسخرية مكانها المتميز فى حياة المصريين، وقد تنجح السخرية فيما تفشل فيه السياسة، لكن أن تظل السخرية هى الشىء الوحيد الذى يفعله المصريون فهذا هو الهدم بعينه.
لا أريد هنا أن أقلل من أهمية السخرية أو أن أسخر من جدواها وفاعليتها وأهميتها، لكن ما يحزننى هو أن نكتفى بالسخرية فحسب، وأن نحب عن طريق السخرية ونكره بالسخرية، فلا يعمر الإيفيه وطنا، ولا يبنى مجتمعا، وعلى الأقل فلنجعلها هكذا: يد تسخر ويد تستعد للبناء.
خصوم المشير عبدالفتاح السيسى لا يرون فى أفعاله وخطاباته سوى مادة جديدة للسخرية، وخصوم المناضل التاريخى حمدين صباحى يرددون أكاذيب الإخوان وأباطيلهم وإيفيهاتهم السمجة للنيل من شعبيته، وفى ظل حالة السعار السياسى، تصبح الميزة عيبا، ويصبح شرب حمدين صباحى للشاى بطريقة تلقائية طريفة سببا للادعاء بأنه غير صالح للرئاسة، كما تصبح الدراجة التى كان السيسى يستقلها فى التجمع الخامس مادة للتندر، ولا أحد يسأل: من المستفيد من تسفيه رجال الدولة، والنيل من هيبتهم فى وقت تتداعى فيه الأمم علينا كما تتداعى الأكلة على قصعتها؟
الغريب أن خصوم المرشحين الرئاسيين غالبا ما يرددون كلمة القائد التاريخى صلاح الدين الأيوبى التى يقول فيها: كيف أضحك والقدس أسير؟ لكنهم لا يجدون غضاضة فى السخرية ومصر تتسول من أجل توفير قوت يومها، وتتألم من ضربات القوى العالمية والإقليمية الموجعة، ما يؤكد أن ترديد تلك الكلمات المأثورة ليس من أجل الصلاح والإصلاح وإنما من أجل التجارة السياسية القميئة، وهو الشىء الذى أكده ذلك الـ«هاشتاج» المسىء للمشير السيسى والذى كشف حقيقته تلك الجماعات وأكد أن تشدقها مكارم الأخلاق وطنطنتها الدائمة بادعاءات الفضيلة ليس أكثر من تجارة كانت رابحة فى الماضى، ولما اكتشف الناس زيفها ووضاعتها كشفوا عن وجههم القمىء.
لن أنتخب المشير عبدالفتاح السيسى لأسباب عديدة لست فى مقام ذكرها الآن، لكنى أكن لهذا الرجل بالغ التقدير والاحترام، ولا أتخيل أن من مصلحة مصر أن نسقط مرة أخرى فى حالة السخرية والسخرية المضادة، فيتصدع الوطن من قهقهاتنا البلهاء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة