فى أزمة اللواء محمود خليفة محافظ الوادى الجديد حضرت السياسة وغاب القانون. حكومة المهندس محلب أصابها التوتر والخوف وارتعشت من صورة المحافظ وهو يحمل توكيلا للمرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى وحاولت بكل السبل تبرئة ساحتها من «الفعل المشين» لترضية المنافسين وبعض النشطاء وإثبات حيادها فى انتخابات الرئاسة الحالية وهو المعنى الذى صرح به رئيس الوزراء. شجاعة المحافظ النشيط محمود خليفة أنقذت الحكومة من الحرج أمام ما اعتبرته رأيا عاما فى مصر، وسارع هو بتقديم استقالته.
هنا حضرت المواءمات والموالاة والاسترضاء السياسى فى أزمة التوكيل بمنطق «الباب اللى يجيلك منه الريح»، فإقالة المحافظ أو استقالته سوف تريح الحكومة بدون شك من وجع الرأس والصداع وافتعال أزمة هى فى غنى عنها فى الوقت الحالى والتضحية بالرجل وتقديمه كبش فداء للرأى العام حتى لو كان ذلك على حساب كفاءة المسؤول ونشاطه المشهود له به ورؤيته فى تطوير المحافظة وإحداث تنمية حقيقية بها، وزيارة رئيس الوزراء للوادى الجديد كان بمثابة صك اعتراف بكفاءة ونشاط المحافظ فى المحافظة التى تمثل أكثر من ثلث مساحة مصر.
دولة القانون غابت فى معالجة أزمة المحافظ، فلم يتم النظر إليه أو التعامل معه، وكان أول شىء يتم الإطاحة به وتجاهله. وأنا هنا لا أدافع عن اللواء محمود خليفة فلا أعرفه على المستوى الشخصى ولا تربطنى به أدنى علاقة وأقر بخطئه وعدم كياسته السياسية فى الإشهار بالتوكيل فى أجواء الاحتقان والعصبية السياسية التى نعيشها الآن والتى ينتحر على حدها القانون والدستور، ولكن هل سأل المهندس محلب نفسه أن ما أقدم عليه محافظ الوادى الجديد هو حق دستورى كمواطن مصرى له حق الترشيح والتصويت، وهل القانون أو الدستور يمنع قيام أى مسؤول بمن فيهم رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية من تحرير توكيل لمرشح رئاسى، ويبيح له حق التصويت. وهل الحيادية يا سيادة رئيس الوزراء تلغى أبسط الحقوق الدستورية لمواطن مسؤول فى الدولة للتعبير عن رأيه السياسى وممارسة حقه الدستورى. وهل التعامل مع الرأى العام الوهمى بخسارة مسؤول وإقناعه بتقديم الاستقالة حتى تعيش الحكومة ويموت القانون وتنتحر لغة العقل والحكمة فى إدارة الأزمات فى مصر.