كانت خطوة اللواء محمود خليفة، محافظ الوادى الجديد، بتحرير توكيل تأييد لـ«عبدالفتاح السيسى» كمرشح لرئاسة الجمهورية كفيلة بإقالته، حتى لو تحدث هو عن أنه تقدم باستقالته، لكنها جرس إنذار من حيادية أجهزة الدولة فى الانتخابات الرئاسية.
ما فعله «المحافظ» كان تعبيرًا عن عدم احترامه، وضربه بلا أدنى مسؤولية لما قاله المهندس إبراهيم محلب بأن الحكومة لن تتدخل فى الانتخابات، وتضمن نزاهتها، وأنها لن تنحاز إلى أحد.. ومع تمنياتنا بأن يكون ذلك صحيحًا، فإن فعل «المحافظ» بعث بأسوأ رسالة إلى الشعب المصرى، وزاد من شكوك البعض بالدور الخفى لبعض المسؤولين فى الانحياز لمرشحين بعينهم، ومعها ذهبت التوقعات إلى أن الانتخابات المقبلة لن تكون بنزاهة الانتخابات السابقة، إنما ستعيد جانبًا مما كنا نشاهده أيام مبارك.
أنا هنا لا ألقى الاتهامات جزافًا، فخطوة المحافظ تفضح ما يدور تحت السطح، ولدى ما أقوله فى ذلك من واقع مشاهدتى، ففى يوم الأحد الماضى ذهبت إلى مكتب الشهر العقارى بمدينة طوخ، محافظة القليوبية، وهى مسقط رأسى ومحل إقامتى، كانت الساعة العاشرة صباحًا، و«المكتب» مزدحم على آخره، بسبب قافلة بشرية من الإدارة الزراعية فى «طوخ» تشمل كل الموظفين فيها لتحرير توكيلات لـ«السيسى».
كان المشهد بائسًا، ففوق أنه تعبير عن حالة ترهل لإدارة تابعة لجهاز الدولة، حيث ترك موظفوها عملهم فى الأوقات الرسمية، كنت أمام تكرار لنفس الأساليب التى انتهجتها أجهزة الدولة فى أثناء حكم مبارك، وأدت فى نهاية الأمر إلى الثورة عليه فى 25 يناير 2011.
كان موظفو الشهر العقارى بـ«طوخ» يديرون عملهم بكفاءة وحيادية، وتلك كلمة حق واجبة لهم وعنهم، وكان موظفو الإدارة الزراعية يسلمون بطاقاتهم الشخصية لتحرير التوكيل، وكلما حرر أحدهم توكيله يسلمه لموظف من الإدارة، كان يقوم بدور المسؤول عن جمعها وتوجيهها إلى الجهة التى يعرفها، وكان معه على التليفون شخص يعطيه «التمام»، ولأننى من المنطقة وأعرف أهلها، مال علىّ موظف منهم قائلاً: «معلهش إحنا موظفين وهى دى الأوامر»، والسؤال: من أعطى لهؤلاء الأوامر؟
وفى القصة أيضًا، أن نفس الأمر تكرر فى أيام سابقة بقوافل من الوحدات المحلية بمركز «طوخ».
الطبيعى أن كل مواطن له الحق فى تأييد من يريد، وله الحق فى تحرير التوكيل لمرشحه، لكن ما معنى أن تنتقل إدارات على هذا النحو؟، والمفارقة أننى حين كتبت هذه القصة فى صفحتى على الـ«فيس بوك» هالنى أمران، الأول أن هناك من أكد أن نفس المشهد كان موجودًا فى محافظات أخرى، وكأنه يوم «الإدارات الزراعية لتحرير التوكيلات»، أما الأمر الثانى، فجاء من البعض باتهامى بـ«الخيال»، ومن فعل ذلك لم يلتفت إلى أننى شاهد على ما أقول، ولا أنقل رواية عن أحد.
خطوة محافظ الوادى الجديد، وما حدث فى «طوخ»، فعل فاضح علنى، وإذا كان المهندس إبراهيم محلب تصرف صحيحًا بإقالته، فإنه تبقى مساءلة الذين أعطوا الأمر بشحن قوافل الموظفين، كما حدث فى «طوخ» بالقليوبية وغيرها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة