يتجلى دور الأزهر الشريف فى المصائب والأزمات والكوارث والمظالم التى يتعرض لها المصريون على مر التاريخ، منذ إنشاء المسجد الجامع وحتى يومنا هذا. كان- وما زال- الأزهر مكانا وشيخاً ملاذاً للشعب المصرى فى ظروف الضيق والأزمة، ولحظات القهر السياسى والاجتماعى. فهو المنبر والحصن الذى لجأ إليه المصريون للشكوى ورد المظالم من حاكم ظالم، أو طلب لرفع البلاء والفقر والجوع والفتنة.
تجاوز الأزهر الجامع دوره ليصبح منذ اللحظة الأولى مؤسسة وطنية تمارس دورها السياسى والاجتماعى والدينى والثقافى فى المجتمع المصرى منذ نهايات الألفية الأولى، ومارس دوره ومسؤولياته الوطنية فى كل القضايا التى واجهتها مصر، والأزمات والمصاعب التى عاشها المصريون فى فترات زمنية متقاربة. ثورات المصريين كانت تبدأ من الأزهر وبدعم واضح وصريح من إمامه الأكبر. ومحن الوطن كانت تنتهى على أعتابه وبين رحاب شيخه الجليل.
التاريخ يتواصل فى كل العصور من القاهرة وحتى أسوان، من حى الحسين والدراسة إلى السيل الريفى وقبيلتى الدابودية والهلايلة، حيث حل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، ساعياً للصلح، وآخذاً بالعفو، وآمراً بالعرف بين مصريين دبت الفتنة فى أوصالهم، وعارضا عن العصبية الجاهلية التى تمزق وتشتت بفعل شياطين آخر الزمان، وبتقاعس وتجاهل مريب بحماية الوطن وتحصينه، بالعمل والعلم ضد كل محاولات الطامعين.
فى أزمة أسوان التى فشلت فيها الدولة، استدعى الأزهر الركن الركين والحصن الحصين للدولة فى مصر تاريخه وموروثه الوطنى، ودوره النضالى فى حماية مصر من الشرور والمكايد، ووأد الفتن. واختلف مع من يقول إن هذا ليس دور الأزهر بل دور الدولة، وأقول إنه دور اجتماعى أصيل للأزهر، أحد أهم أركان الدولة، والذى لا ينكفئ على نفسه، ويغض البصر والبصيرة عن حرائق الوطن، ولا يسارع إلى إطفائها على الفور، ثم يأتى بعد ذلك دور باقى المؤسسات للقضاء نهائيا على أسباب تلك الفتنة.
الأزهر وشيخه الجليل قام بدوره الواجب عليه فى فتنة الدابودية والهلايلة، وأطفأ نارا أراد أعداء الله والوطن إشعالها. ويتبقى أن تتحرك باقى أجهزة الدولة لمعالجة الجذور فى أسوان، وفى كل مكان فى مصر، حتى لا ينفذ مغول وتتار العصر الحديث من آلام وجروح الوطن لتمزيقه وتفتيته، وبث الفتنة بين أهله.