مع الاعتراف بأهمية القوانين فى مواجهة الجريمة فإن تشديد العقوبات أو ابتكار تشريعات جديدة لا يكفى وحده لمواجهة وإنهاء الإرهاب أو حتى الجريمة، والإرهاب بالذات له امتدادات خارجية وداخلية وعلاقات وتمويلات، وبالتالى فإن المعلومات هى الخيط الأول لمواجهة التنظيمات الإرهابية، مع ملاحظة أن الجماعات الإرهابية الحالية فى مصر ليست هى نفسها تنظيمات الإرهاب فى التسعينيات، لأن الجيل الحالى من الإرهابيين، يرتبط بعلاقات متشعبة من دول وأجهزة، وهى علاقات معقدة، تتجاوز ما كانت تملكه الجماعات الإرهابية فى التسعينيات.
وقد رأينا بالفعل فى أمريكا وأوروبا بعد 11 سبتمبر تغييرات قانونية لكن كانت الإجراءات وعمل أجهزة المعلومات هى الأوسع والأعمق، لأن القانون بالنسبة للإرهاب، يأتى فى المرحلة الثانية، بعد الضبط والقبض، أما الخطوات الأولى فهى التى تتعلق بجمع وترتيب المعلومات والكشف عن العلاقات المختفية، خاصة أن العلاقات بين الجماعات الإرهابية والأجهزة والدول أكثر تعقيدا من السابق. والأمر نفسه مع كون كل ذلك مرتبطا بما يحدث فى السياسة، لكنه أيضا كان سابقا لذلك، وقد تحولت مصر إلى ملعب للكثير من الجماعات الإرهابية التى تنمو خلال السنوات الأخيرة، فى العراق وسوريا وليبيا، وبعضها وجد فى حالة الانفلات الأمنى ما بعد سقوط السلطة فى هذه الدول، فرصة للنمو والاتساع.
وبالتالى من الصعب الاعتقاد بأن إطلاق تشريعات أو مواد الإرهاب وحدها تكفى لمواجهة الإرهاب، بل بتطبيق القانون عموما، لكن قبل القانون تأتى مرحلة المعلومات، ومعرفة أصل هذه التنظيمات وعلاقاتها، والسعى لمواجهتها، بالهجوم وعدم الاكتفاء بموقف الدفاع.
ثم تأتى فى المراحل التالية أهمية القوانين التى تحظر هذه الجماعات وتعطى إمكانية متابعتها ومتابعة تدفقات الأموال والمعلومات وهو أمر يتطلب اختراق الشبكات المعقدة لهذه التنظيمات.
أما دور القوانين فهو مواجهة الانفلات الأمنى، والخروج على القانون، ومخالفاته، وربما كان وجود القوانين فى الأساس حماية للأبرياء وأيضا للأجهزة، مع العلم أن مواجهة الإرهاب عادة ما تشهد انتهاكات وأخطاء، وبالتالى فإن القانون ينظم هذا كله.
ومهما كانت القوانين أو التشريعات، فلم يثبت أنها واجهت الإرهاب، من دون وضع قوى ومستقر للدولة، حدث ذلك فى التسعينيات، وفى أمريكا وأوروبا بعد سبتمبر، وبالرغم من كل الإجراءات المشددة، والقوانين، بقيت التهديدات الإرهابية مستمرة. والآن يبدو التهديد أوسع وأكثر تعقيدا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة