زار المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، مصنع الحديد والصلب أمس الأول، فأعادنى إلى مقال كتبته بعد زيارة الرئيس المعزول محمد مرسى للمصنع، وأعيد نشره بتصرف قليل:
كان شابًا يافعًا حين التحق بـ«مصنع شاب» أيضًا هو الحديد والصلب بحلوان
بعد أن شارك جنديًا فى نصر حرب أكتوبر 1973، هو مواطن بسيط من قريتى، كوم الأطرون، مركز طوخ، محافظة القليوبية، اسمه ممدوح عبدالشافى، رحمه الله، رأيته فى صغرى ضمن آخرين من قريتى التحقوا بمصنع الحديد والصلب كقلعة صناعية كبرى أنشأها جمال عبدالناصر.
كما رأيت المهندس محمد عفيفى فايد الذى كان فخر جيله فى بلدتنا بالتحاقه بكلية الهندسة، ثم التحاقه بالمصنع بعد تخرجه فيها فى نهاية الستينيات من القرن الماضى، ثم أوفده المصنع إلى موسكو فى بعثة علمية حصل منها على ما يعادل درجة الماجستير
ليصبح خبيرًا مرموقًا فى مجاله، أدى إلى سعى دول عربية إليه، وتمسكت به العراق وقت محاولة نهضتها الصناعية فى بدايات حكم صدام حسين. رأيت الراحل عبدالخالق المقدم يلتحق بالمصنع بعد تخرجه فى الثانوية الصناعية، وكانت حياة العمل فيه مصدر إلهام له فى كتابة «الزجل» ورسم الكاريكاتير، والتزود بالثقافة فى الأدب والسياسة.
الأسماء الثلاثة وغيرهم من بلدتى والقرى المجاورة كانوا عناوين لشباب توافدوا إلى هذه القلعة التى أطلوا منها على أمل كبير لغد يحلمون به، فلم ينشغل الآباء وقتها بالبحث عن فرصة عمل لأبنائهم بعد تخرجهم، فالمصانع يتم تشييدها، والالتحاق بالعمل فيها متاح للجميع، لا يحتاج إلى وساطة، كان يكفى الشاب أن يذهب بأوراقه، وينتظر دوره الذى لا يزيد أحيانًا على أيام قليلة.
عام 2000 أجريت حوارًا مطولًا مع المهندس عزيز صدقى الذى أسند إليه عبدالناصر أول وزارة للصناعة فى تاريخ مصر وعمره 36 عامًا، ولدوره الرائد فى ذلك حاز لقب «أبوالصناعة المصرية».
فى الحوار لا أنس قوله لى إنه بعد نكسة يونيو 1967، حضر عبدالناصر افتتاح مصنع جديد أضيف إلى قلعة «الحديد والصلب» بحلوان، وشارك وزير سوفيتى فى الافتتاح، وفى اليوم التالى استدعاه عبدالناصر، وفى لقائهما الذى استمر نحو نصف ساعة، سأله عبدالناصر عن عدد العمالة فى المصنع، والأخرى التى ستلتحق به، وطاقته الإنتاجية، والمساكن التى سيتم إنشاؤها لهم، وفى نهاية اللقاء -وحسب ما ذكره «صدقى» لى ودموعه فى عينيه
قال له عبدالناصر: «عايزين يا عزيز نبنى مصانع على قد ما نقدر، دى الحاجة اللى هنسيبها للشعب محدش عارف اللى هيجى بعدنا هيعمل إيه».
كانت وصية «عبدالناصر» لـ«صدقى» بمثابة نبوءة لما تحمله المقادير لمصر، فمصانع الرزق والإنتاج والتحدى صارت خرابًا، وتم بيعها بأبخس الأثمان فى زفة الخصخصة التى كان يتباهى به مبارك ونظامه بالرغم من أنها كانت أكبر عملية نهب منظمة شهدتها مصر
وبعد أن أفرخت هذه المصانع مزيدًا من توسع الطبقة الوسطى التى تحملت عبء نهضة مصر، صارت لدينا بفضل الخصخصة طبقتان، أقلية تكتنز الثروة، وأغلبية تأكل الفتات.
زار «محلب» مصنع الحديد والصلب فتذكرت أبناء بلدتى الذين أعطوا بإخلاص، فهل ينهض ثانية؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
عبد الناصر وعزيز صدقى استحاله ان يتكرروا - انتهى زمن المعجزات
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الهبل فى الجبل
لمن لا يعرف ، محلب من أخر أجيال "المعلميين" فى المقاولون العرب
عدد الردود 0
بواسطة:
صلاااااااااح
يجب بناء مصانع ملك للدولة
عدد الردود 0
بواسطة:
mhana.mhana
الفاسدون
عدد الردود 0
بواسطة:
حنان عبد الرحيم
ردا على رقم 4