الانبا ارميا

"المنزل"

الجمعة، 18 أبريل 2014 09:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول آبراهام لِنكولِن: "استمتِع بالأشياء الصغيرة؛ فقد يأتى يوم تُدرِك فيه أنها كانت كبيرة".. فى حياة كل إنسان أشخاص وأشياء وأمور يضعها الإنسان فى ترتيب أولويات حياته طبقًا لمدى أهميتها، لذا وأنت ترتب الأمور، عليك أن تُدرك القيمة الحقيقية للأشخاص، والأشياء، وأيضًا المواقف، حتى تستطيع أن تحيا مدركًا لما لديك من أشياء عظيمة تحوطك، تَعضُّدك وتَسندك، وتُسعدك فى طريق الحياة.

ذات يوم، أراد رجل أن يُعلِن بيع منزله؛ فقد كان يشعر بأنه صار غير مناسب، وكان يحلم بالانتقال إلى منزل آخر أفضل. فقرر الاستعانة بأحد أصدقائه؛ وكان رجل أعمال له خبرة طويلة فى مجال التسويق. طلب الرجل من صديقه أن يساعده فى كتابة إعلان يقدم فيه مميزات المنزل حتى يتمكن من بيعه. كان الصديق يعرف البيت جيدًا مما مكنه من كتابة وصفًا تفصيليًّا عن: موقع المنزل الجميل، مساحته الكبيرة، تصميمه الرائع، ... إلخ. وبعد انتهائه من كتابة الإعلان، قرأه على الرجل الذى أصغى إلى الكلمات المكتوبة فى اهتمام شديد، وبعد أن انتهى من القراءة، قال الرجل: يا له من منزل رائع! لقد ظللتُ طول عمرى أحلُم بالحياة فى منزل بمثل هٰذه المواصفات، ولم أُدرك أننى بالفعل أحيا فيه حتى سمعتَ كلماتك! وأضاف مبتسمًا: لستُ بحاجة إلى نشر الإعلان؛ فمنزلى غير معروض للبيع. ربما لم يفكر صاحب المنزل فى إمكانات منزله، واهتم فقط بالعيوب فلم يقدِّر ما لديه التقدير الصحيح، لذٰلك اهتم بأن تعرف القيمة الحقيقية لكل ما هو حولك فى الطريق، وعندئذ تستطيع أن تتخذ القرارات الصحيحة. يقولون: "يرى الناجحون الإمكانات؛ فى حين يرى الباقون المشكلات"، فلا تركز أنظارك وأفكارك فيما حولك من عيوب أو مشكلات فقط، بل كُن متوازنًا وموضوعيًّا فى نظرتك فى الأشخاص الذين تعاملهم، والأشياء والمواقف التى تعبر بك فى حياتك؛ حتى تستطيع استكمال المسير بنجاح.

وفى الحياة لا تحكم من خلال موقف واحد فقط، فربما تكون هناك أمور لا تُدركها؛ وإنما يكون حكمك، وبخاصة على الأشخاص، من خلال عدة مواقف حتى تستطيع تقييم الأمور بطريقة صائبة. قرأتُ إحدى القصص عن صديقين كانا مسافرَين معًا، فعبرا الصحراء. ولٰكن فى أثناء سيرهما، حدثت مشاجرة كبيرة بينهما، فضرب أحدهما الآخر! تألم الصديق وكتب على الرمال: ضربنى اليوم أعز صديق إلىّ.

استمر الصديقان فى رحلتهما حتى وصلا إلى إحدى الواحات، فقررا الاستحمام فى البحَيرة . وفى أثناء ذٰلك، كاد الصديق الذى ضُرب سابقًا أن يغرق فأنقذه صديقه. فكتب على الصخر: اليوم صديقى أنقذ حياتى. ومع رمزية القصة فهى تقدم إلينا رسالة: أن الحياة تمتلئ بالمواقف المتباينة من الشخص عينه؛ لذٰلك لا تحكم على أحد من خلال موقف أو تصرف واحد فقط، ولٰكن انتظر حتى تتكشف حقيقة الأمور. ولا تحكم على الأشياء بمجرد النظر إليها دون تدقيق لئلا تخطئ التصرف والقرار و ... وعن الحياة ما زلنا نُبحر.

* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة