برغم انزعاجى من أفلام «السبكى» بشكل عام، فإننى أقف بشدة ضد قرار رئيس الوزراء إبراهيم محلب بسحب فيلمه «حلاوة روح» من قاعات السينما، ومنع عرضه، ذلك أن اللجوء إلى استخدام السلطة فى المنع أمر بالغ الخطورة فيما يتعلق بمسألة الفن والإبداع.
لقد وافقت الرقابة على الفيلم بعد حذف بعض المشاهد، كما صرح بذلك منتج الفيلم نفسه، فما الذى دفع رئيس الوزراء إلى اتخاذ قرار سلطوى يتعارض مع قرار الرقابة؟ هل لأن الاحتجاجات زادت وأصبحت مصدر إزعاج للسلطات؟ أم أن هناك أمورًا أخرى مخفية لا ندركها؟
إن هذا القرار يفصح بصورة مؤسفة عن التخبط الذى تتمرغ فى وحله مؤسسات الدولة، فالرقابة التابعة لوزارة الثقافة تصرّح بعرض فيلم، فيعرض الفيلم، ثم يأتى قرار من الرجل الثانى فى الدولة لينسف قرار الرقابة، الأمر الذى يؤكد أن هناك خللًا جسيمًا فى منظومة الإدارة فى البلد، وفى مفهوم الرقابة أيضًا.
ليس الأمر شرًا كله، فمن الممكن الاستفادة من هذه الأزمة التى تفضح طغيان السلطة على الحرية، ونعيد تنظيم الرقابة وتعريفها بما يناسب تطورات العصر، وما حققه الإنسان من مكاسب فى مجال حرية الرأى والإبداع، شريطة أن تتكون لجان الرقابة من مبدعين ومفكرين وكتاب مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة، تجلت فى الإسهام بنصيب فى تشكيل وجدان الرأى العام وذائقته.
المثير للانتباه – وربما السخرية – أن السلطة استجابت سريعًا لغضب الناس من فيلم معروض، وقررت سحبه ومنعه فى التو واللحظة، على الرغم من أنه مجرد فيلم سيئ سينفر منه الجمهور دون تدخل السلطة، وبالتالى سيفشل جماهيريًا، لكن هذه السلطة لا تلتفت إلى حاجات الناس ومصالحهم مهما طالبوا واعترضوا وتظاهروا. لاحظ أن السلطات عندنا تتمتع بخبث شديد، حيث نجحت فى تحويل اهتمامات الناس إلى قضايا جانبية، فبعدما كانت هذه الاهتمامات تدور حول العدل الاجتماعى، وتعديل قانون التظاهر، وإخفاق الدولة فى السيطرة على فوضى الإخوان، صار «السبكى» وفيلمه الردىء عناوين رئيسية فى الصحف والمواقع الإلكترونية! حقًا.. ما أخبث الدولة المصرية منذ عهد الفراعنة!
عدد الردود 0
بواسطة:
فاعل خير
حرية اﻻسفاف والمكاسب الوهميه