من حق حمدين صباحى أن يستخدم كل أوراق القوة التى يمتلكها ليكون منافسا شرسا فى الانتخابات الرئاسية، ولكن من الأفضل أن يركز فى برنامجه الانتخابى، ويخلع السيسى من دماغه، فليس من أخلاقيات المعركة الانتخابية أن تستهدف خصمك عمال على بطال، مع أن السيسى رجل عف اللسان، ولم يحدث أن ذكر حمدين بسوء، أو تناول سيرته أو تحدث عن أخطائه، وهو بذلك يكسب ثقة واحتراما، بعكس خصمه الذى تترك تصرفاته انطباعا بأنه يريد الكرسى مهما كان الثمن، ومتكالب على المنصب بشراسة وضراوة، مع الأخذ فى الاعتبار، أننى أؤيد ترشحه لإضفاء سخونة وحيوية على المعركة الانتخابية، حتى لا تكون انتخابات المرشح الواحد، ونعود إلى لون جديد من ألوان الاستفتاء، وإيهام الرأى العام بأنها انتخابات حقيقية.
من حق حمدين أن يستخدم كل الوسائل المشروعة فى هذا التوقيت الصعب ولكن أن يضرب منافسه تحت الحزام، فهذا هو التزييف والتضليل، فعندما يقول فى تصريحات لوكالة أنباء أمريكية «إن لديه شكوكا فى أن يتمكن المشير عبدالفتاح السيسى من إحلال الديمقراطية إذا انتخب للمنصب، بسبب انتهاكات حقوقية، وقعت منذ أعلن السيسى عزل الرئيس السابق محمد مرسى»، فهو – أى حمدين – يكشف عن حقيقة مواقفه كداعم للمعزول مرسى، ومؤيد للإخوان، وغير مستنكر لأعمالهم الإرهابية والإجرامية، وبعد كل الخراب والدمار الذى حدث لمصر على أيديهم، ولا ننسى حين ذهب إلى المعزول فى مكتبه بالاتحادية، مقدما له نصائح تصفية خصومه والتنكيل بهم تحت شعار «العدالة الانتقامية»، والآن يقف حمدين فى نفس الخندق ويتحدث عن «انتهاكات حقوقية» منذ أن أعلن السيسى عزل مرسى.
فهل السيسى هو الذى عزل مرسى، أم ملايين المصريين الذين خرجوا لإنقاذ وطنهم من الضياع فى 30 يونيو، ويبدو أن حمدين كاره لتلك الثورة وناقم عليها، ولم يكن له أى دور فيها، ولم يجرؤ على النزول للتحرير فى ذكراها خوفا من غضب الجماهير الذين اكتشفوا حقيقة مواقفه، وأن كل ما يعنيه هو القفز على السلطة، وأن اشتياقه وحنينه لهذا الأمر يهوّن عنده الغالى والرخيص.
من حق حمدين أن ينشط فى أوكازيون التصريحات الانتخابية، ولكنه يركز فى الآونة الأخيرة على وسائل الإعلام الأمريكية، وما أدراك ما أمريكا المفترض أنها عدوة الناصريين الذين ينتمى إليهم، يدغدغ مشاعرهم بما يحبون أن يسمعوه من الكلام المرسل عن انتهاكات حقوق الإنسان، وأهم من هذا وذاك أن حمدين لا يمل من استخدام فزاعة «إن معالم عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك الذى أطاحت به انتفاضة شعبية مطلع عام 2011 تعود الآن» هكذا يقول.. مستخدما نفس أساليب الإخوان فى التحريض، عندما كانوا يخفون جرائمهم فى متاهات اللهو الخفى.
ليت حمدين ينزل من فوق حصان «أمير الانتقام» ولا يحول الانتخابات لحروب تصفية الحسابات، ويبتعد عن التجريح والتشويه وغيرها من الأسباب التى جعلت أبناء الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وحلفاءه الناصريين ينفضون من حوله، ولم يعد فى رصيده سوى بعض شباب الثورة، الذين يلعب على حماستهم ومشاعرهم، بكلام له دوى مسدس الصوت، فرقعة فى الفاضى لزوم الفرح والمعازيم.. ونرجو ألا يفسد عرس الديمقراطية بشن الغارات على الآخرين.