هناك فوائد كثيرة لثورة الاتصالات والمعلومات، المعرفة والعلم والاتصال والتواصل، وربما كانت الفضائح واختراق الخصوصيات من الأعراض الجانبية، ومعها الشائعات والسخريات التى تتحول إلى مساخر، والبذاءة التى تصبح القاعدة وليس الاستثناء. الفيديوهات الفضائحية هى الأكثر تداولاً، والتسريبات هى الأعلى استهلاكا، ولم تعد السخرية والفكاهة هى فاكهة السياسة، لكن أصبحت الشتائم والسب والقذف. والتصدر فى الهايفة والتافهة والضائعة.
ولا نقصد فقط السياسة، لكن كون التلصص والتجسس هو الأصل، وعلى سبيل المثال تحول فيديو لطالبة ترقص وحدها فى الفصل إلى أحد أهم الأنباء والأكثر تداولا على فيس بوك وتويتر، بصرف النظر عن الموقف التربوى، كان يمكن أن يتم عقاب الفتاة، أو اعتبار ما تفعله مجرد لعب تلاميذ فى مدرسة، لكن الفتاة وأهلها طبعا ومدرستها تحولوا إلى جرسة وفضيحة بفضل من تعاملوا مع الأمر على أنه يستحق «الشير»، وأن يتشارك فيه كل الناس ليتفرجوا على تلميذة ترقص فى الفصل، حتى لو كانت حالة من بين ملايين أخرى لا يفعلن ذلك.
ولم تكن هذه هى المرة الأولى ونتذكر فيديو من هذا النوع تناولته برامج وتم التعامل معه على أنه فيلم الموسم، والمثال على انهيار التعليم، بينما لم يحدث أن اهتم نفس هؤلاء بفيديو لفصل واحد يضم أكثر من 100 تلميذ، أو فيديو وصور لتلميذ كان يحمل كتبه فى كيس بلاستيك ولا يرتدى ملابس لائقة.
ربما كنا فى حاجة لأن نراجع مفاهيمنا، ونحن نتحدث عن المهنية والشرف والخصوصية، التى تنتهك يوميا من هؤلاء الذين يتعاملون مع كل هذا بازدواجية مفرطة، لا يفرقون بين الحق فى الخصوصية والحق فى المعرفة.
وقد تحولت أدوات التواصل الاجتماعى إلى أدوات للقتل المعنوى، ومسامير مشرعة فى حائط، تمزق كل من يمر عليها.
البعض يجد عذرا للمواقع الاجتماعية التى تنشر بلا قوانين ولا يحق لأحد أن يفرض عليها رقابة من أى نوع، لكن نفس هؤلاء سرعان ما يصرخون عندما يمسهم الأمر ويتعلق بأصدقائهم أو أقاربهم أو حلفائهم، أو هم أنفسهم، ساعتها يشرعون القواعد الأخلاقية. ويتحدثون عن القيم الغائبة، بينما يخترقون هذه المبادئ والقيم يومياً وبلا أى ضابط ولا رابط، لأنهم يفعلون هذا بازدواجية، الخصوم دمهم مباح، والحلفاء محميون، واختلط النقد بالشتيمة، والخبر بالفضيحة.
وربما يحتاج العالم الافتراضى لقواعد يضعها بنفسه، حتى يفرق بين البحث عن فضيحة والبحث عن حقيقة تضيع عادة وسط الفضائح.