لو كنت ابنا بارا لهذا الشعب فمن المؤكد أنك ستعرف أن «أول الرقص حنجلة»، ولذا كان طبيعيا أن تفكر الحكومة – أول ما تفكر – فى تعديل أسعار الغاز والكهرباء للمنازل قبل أن تفكر فى المليارات المنهوبة من الشعب المصرى تحت مسميات وهمية هى دعم الصادرات، ودعم الصناعات الثقيلة.
من جيبك أنت تمول مستثمرين فاشلين، وتساعد أصحاب الملايين فى أن يصدروا بضائع وهمية سبق لهم أن استوردوها ليبيعوها برخص التراب فى الخارج، لأن مكسبهم مضمون من صندوق دعم الصادرات، لكن حكومتنا الرشيدة لم تفكر فى إلغاء صندوق دعم الصادرات، ولا أن تقصره على صغار المصنعين، وبدلا من هذا تقرر فى الخفاء أن تزيد سعر الغاز والكهرباء، متحججة بأن جميع دول العالم تبيع الطاقة لسكانها بأسعارها العالمية، ناسية أن مرتبات هؤلاء السكان تضمن لهم حياة كريمة وأنهم حينما يمرضون يعالجون ضمن برامج التأمين الصحى، وحينما يتعلمون يحصلون على أفضل خدمة تعليمية ممكنة، وحينما يستثمرون يحصلون على فرص متكافئة، وحينما يتقدمون إلى الوظائف يخضعون إلى معايير عادلة فى الاختيار، لكن حكومتنا الراشدة قررت أن يصبح المواطن المصرى «عالمى» فقط فى الأسعار.
السيد وزير البترول شرح كيفية تطبيق الزيادة على شرائح استهلاك الغاز للمنازل حيث تنقسم إلى ثلاث شرائح، الأولى وهى استهلاك يصل إلى 25 مترا شهريا يتم محاسبته بـ40 قرشا للمتر، والشريحة الثانية وهى ما فوق الـ25 مترا إلى 50 مترا يتم محاسبته بقية 100 قرش، أما الشريحة الثالثة والتى تفوق الـ 50 مترا تحاسب بقيمة 150 قرشا، وقال إن الغرض من الزيادة هو الوصول بسعر الغاز الطبيعى إلى سعر اسطوانة الغاز العادية، ناسيا أن فواتير الغاز تصل فى الشتاء إلى ما يقارب المائتى جنيه فى الشقق السكنية، وأنه إن كان حقا يريد أن يساوى بين مستخدمى الغاز ومستخدمى أنبوبة الغاز، فعليه أن يثبت أسعار الغاز للمنازل بما يقرب سعر أنبوبتى غاز شهريا، وهو الحد الأقصى للاستخدام العادى، لكنه بالطبع لن يفعل هذا لأن تلك الحجة ليست أكثر من قناع زائف لزيادة الأعباء على الأسرة المصرية، لأنه سهل على الحكومة أن تستحوذ على أموال الملايين الصامتة، لكن صعب عليها أن تقترب من بضعة مئات تمتلك نفوذا إعلاميا وماديا واقتصاديا.