لم تكن مفاجأة كبيرة ما كشفه العالم والجراح العظيم مجدى يعقوب أن المصريين «كرماء» فى التبرع لمركز مجدى يعقوب للقلب، وقوله إن %70 من التبرعات لمركز القلب تأتى من مواطنين عاديين فقراء أو متوسطين
يتبرع الواحد منهم بعشرين جنيها أو مائة جنيه، أو ثلاثمائة جنيه، وطبعا هناك أثرياء وقادرون يتبرعون، وحتى فى مستشفى سرطان الأطفال أو معهد الأورام وغيرها هناك تلاميذ يتبرعون بمصروفهم، ومواطنون عاديون يقدمون قروشا أو جنيهات، مجدى يعقوب يقول إن الشعب عندما يثق فى مشروع علمى أو طبى سوف يسانده، مثلما يفعل فى مركز القلب فى أسوان
أو مركز الكلى فى المنصورة الذى أسسه العلامة محمد غنيم. وهى تتجاوز كونها مركز طبية، إلى أنها مراكز علم وبحث علمى ناهيك عن البناء الأخلاقى الذى يجعل هناك مساواة بين المرضى، طبقا للأولوية وخطورة الحالة وليس المنصب أو المكانة.
والسؤال: كيف يمكن أن تصبح كل منشآتنا الطبية والصحية بنفس المستوى، وأن تكون على درجة عالية من البراعة، والنظافة والنظام والأخلاق، طبعا الإجابة فى أن يتولى العلماء والكبار مثل مجدى يعقوب وغنيم وتلاميذهم بناء منظومة الصحة، بفكرهم، وأن تتحول هذه المراكز إلى ما يشبه «مشتل للخبرة والعلم»، وبذور يمكن زرعها فى أنحاء مصر، وهنا دور الدولة فالمواطنون يتبرعون، لكن على الدولة أن تنقل هذا الفكر.
الدكتور مجدى يعقوب يعرف صعوبة أن يتم استنساخ هذه الأفكار، حتى لا تتحول إلى هياكل بلا مضمون، ويقول إن مركز القلب يحتاج سنوات بعد سنوات التأسيس، ويطرح فكرة كيف يستمر هذا المركز وغيره من المراكز العلمية ليقدم خدماته وعلمه وأبحاثه، وأن الأمر يحتاج إلى أن تكون له أوقاف أو مصادر تمويل دائمة وقوية تضمن استمراره.
القصة أن هذه المراكز العلمية والطبية، تقوم بجهود فردية شخصية وتحتاج إلى أن تتحول لعقيدة وطنية، الدولة عليها دور أن تأتى بعلماء يضعون أسس استراتيجيات هذا الأمر.
بمعنى أن نعطى «العيش لخبازه، والعلم لعلمائه». وأن تتحول المراكز العلمية والطبية إلى «مشاتل» تنقل الفكرة إلى كل أرجاء مصر، وهو أمر يحتاج للمال، لكنه أيضا يحتاج إلى الإرادة. والمصارحة والوضوح، ساعتها يمكن الحديث عن المستقبل، وعن دور العلماء والعلم، لأن هؤلاء يجب أن يكونوا فى المقدمة. وبالطبع كل هذا يحتاج لإرادة تزيل تراكمات سنين من الفساد والمحسوبية وأهل الثقة. وإذا صدق الشعب فسوف يدعم ذلك.