لا أحد يختلف على أن المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، رجل مجتهد للغاية ولا تنقصه الكفاءة والنزاهة فى عمله الحالى أو السابق كرئيس لشركة المقاولون العرب من منطلق انتمائه الوطنى العميق، ومن هنا يأتى الإعجاب بالمهندس محلب والاتفاق عليه من غالبية المصريين على أنه رجل يعشق العمل ويضحى من أجل وطنه فى الداخل والخارج.
والزيارة الأخيرة لدولة تشاد التى أصبحت عضوا فى مجلس السلم والأمن الأفريقى تعكس وعياً وطنياً خالصاً للرجل والذى نراه يأتى بصورة فردية واجتهاد شخصى من الرجل العالم ببواطن الأمور وتفاصيل العلاقات مع أفريقيا بحكم رئاسته السابقة للمقاولون العرب التى تعد واحدة من أكبر وأعرق شركات المقاولات فى أفريقيا والشرق الأوسط، وتمتد جذورها منذ أكثر من 50 عاما فى القارة السمراء والدول العربية وقت تأسيسها فى الخمسينيات وتحولها إلى ذراع للدولة لدعم وتنمية دول أفريقيا فى زمن التحرر وفق رؤية سياسية وقتها لتكريس دور مصر القيادى والريادى وخدمة مصالحها القومية، خاصة فى دول حوض النيل للحفاظ على الأمن المائى لمصر.
المهندس محلب يستعيد الرصيد التاريخى للشركة الوطنية المصرية فى أفريقيا فى زمن «القوة المصرية الناعمة» التى ضاعت وأصبحت هباء منثورا بعد وفاة الزعيم جمال عبدالناصر وتخلت مصر عن دورها وحماية مصالحها حتى وصلنا إلى أدنى مستوى فى علاقتنا بأفريقيا وتركنا الساحة خالية لإسرائيل وإيران وغيرهما للعبث بالأمن القومى المصرى.
استعادة دور المقاولون العرب فى أفريقيا وفق رؤية وإرادة سياسية واضحة ومحددة إلى جانب باقى أدوار المؤسسات الأخرى هو المطلوب خلال المرحلة المقبلة، وسوف نستثنى الزيارة الأخيرة للمهندس محلب لأنها تأتى فى ظروف استثنائية ضاغطة على مصر بعد تعليق عضويتها فى الاتحاد الأفريقى.
مصر استمرت فى دعم أفريقيا طوال الأربعين عاما الماضية ولكن بشكل تقليدى ودون رؤية سياسية محددة، والمقاولون العرب مارست نشاطها وحيدة منذ السبعينيات بإصرار على عدم الخروج رغم شراسة المنافسة والمؤامرات حتى بلغت قيمة تعاقدات الشركة 3 مليارات دولار فى 18 دولة أفريقية، ولم يتبق لقوة مصر الناعمة طوال تلك الفترة سوى الأعمال الإنشائية الضخمة لشركة المقاولون العرب فى هذه الدول، والتى فاق دورها الدبلوماسى دور وزارة الخارجية فى أفريقيا منذ 40 عاما.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة