المواطن الطبيعى لا شك سوف يشعر بالكثير من الدهشة الممزوجة بالتعجب عندما يتابع ما جرى خلال مظاهرات جماعة 6 إبريل، ومصر القوية، والثوريين الاشتراكيين، والاشتراكيين فقط، والثوريين أيضا. وبعض أعضاء التيار الشعبى المؤيد للمرشح الرئاسى حمدين صباحى. وربما بعض الإخوان أو مؤيديهم، ومحترفى المظاهرات وعشاق الكاميرات، لينتهى الأمر بمولد (وصاحبه غايب أو مسافر). فلا الهدف تحقق ولا هناك وحدة، وإنما جماعات كل منها تعلن عن نفسها بالملابس والهتاف.
المظاهرة كانت لمواجهة قانون التظاهر. رفع بعض المشاركين شعارات تطالب بإسقاط القانون، والموقف من قانون التظاهر كان يمكن أن يجمع تيارات أخرى لديها تحفظات على مواد بالقانون، لكن لم يلتفت المنظمون كالعادة لغير أنفسهم.
خرجوا، وفى الطريق اكتشف البعض أن هذا لا يكفى وشاهدوا حسن شاهين عضو حملة حمدين صباحى، فاعتدوا عليه بالضرب، لكن للحق كان هناك من يضرب حسن ومن يحاول حمايته، وكانت هناك حملة من بعض الفرحانين بضرب حسن شاهين، حتى لو لم يعرف أحد ما هو السبب فى أن يضربه بعض رافضى قانون التظاهر وهو خرج ضد القانون مثلهم. وللحقيقة كان هناك من أدان الاعتداء على حسن، ومن فرح شعر «بالافرنشاح الثورى» والسعادة وهو يصف لحظات ضرب مواطن خرج مع المواطنين، وفى الفيديو رغبة هائلة لدى المشاركين فى إهانة المواطن، والتعليم عليه، وبعضهم تباهى على صفحاته بما فعل. وهو يسجل لحظات الاعتداء، وتسجيل لحظات خالدة يخرج فيها متظاهرون ضد قانون تنظيم التظاهر ويعتدون على متظاهر. المفارقة أن الشرطة التزمت الهدوء ولم تضرب، وهو أمر أثار البعض فألقوا الطوب على الأمن قبل انتهاء المظاهرة. ربما بحثا عن ذروة درامية تصنع سخونة. كيف ولماذا ومن؟
لا تنتظر إجابة على هذا، لأن المشاركين خليط متعدد الأوجه والأغراض، والهتافات، 6 إبريل حرص أعضاؤها على التميز بملابسهم وشعاراتهم، وهناك من اختار الهتاف ضد العسكر، أو يطالب بإسقاط النظام، ومن انشغل بانتزاع صور السيسى. وطبعا عشاق الكاميرات من الثوريين المحترفين انتظروا اكتمال الصورة، وراحوا ليلتقطوا الصور كالعادة. ستجد من يبرر ومن يدافع ومن يستنكر.
والنتيجة.. المظاهرة تاهت فى بعضها، وتحولت إلى عرض شو لجماعات، كل منها يريد تمييز نفسه، «ومنع متظاهر من مظاهرة ضد قانون التظاهر». ولن تجد إجابة على أسئلة حول من ضرب ومن اعتدى ولماذا خرجوا؟! فقط تتوقف عند ضرب فلان وشتم علان، لأنه مولد وصاحبه غايب.