«مأساة نيكولا كانت فى كثرة الاندهاش»، ونيكولا هو بطل الرواية الشهيرة «فساد الأمكنة»، للكاتب والروائى الكبير صبرى موسى.
ويبدو أن مأساة نيكولا مستمرة بين عدد كبير من السادة التائهين بين الثورة والسياسة، لأنهم غير قادرين على عبور الجسر والخيط الرفيع بينهما، أو الاعتراف بأن عالم السياسة متنوع وليس فيه مطلقات، ولا يقين لكن هناك علاقات نسبية ومصالح متناقضة.
نرى الكثير من المندهشين أمام مواقف وتحالفات. وهذا بمناسبة الجدل الدائر فى الانتخابات الرئاسية، والسباق بين السيسى وصباحى، وحملات كلا المرشحين. بالطبع هناك مؤيدون لكل مرشح وأنصار واضحون، ومن حسموا اختياراتهم وانضموا لهذا أو ذاك من المرشحين.
وقد رأينا كيف أن عددا كبيرا من الناصريين انضموا إلى تأييد السيسى بوضوح، بل وأيضا بعض أعضاء حملة حمدين فى الانتخابات السابقة، وفى المقابل هناك بعض ممن تم تصنيفهم ضمن خصوم الناصرية، وحمدين سابقا انضموا إلى صباحى.
وهنا تبدو الدهشة لدى بعض من اعتادوا الاندهاش أو من يتعاملون مع السياسة حسب ما يريدون وليس ما يرون، وهو أمر سائد طوال سنوات ما بعد الثورة، ولدى قطاع يتحدث عن الثورة كغاية وليس وسيلة.
بينما الثورة والانتخابات والديمقراطية هى وسائل لاختيار الأفضل والأصلح لإدارة الثروة والسلطة وتحقيق الأهداف. والمهم تحديد ومعرفة الهدف وأفضل الطرق لتحقيقه.
هناك أيضا من يتصورون أنهم لكى يثبتوا أنهم أفضل فعليهم هدم خصومهم، بينما الأصل هو إثبات القدرة على النصر.
وعلى سبيل التذكير فإن السياسة ليست تحالفات دائمة ولا خصومات دائمة وإنما مصالح دائمة، والسياسة يمكن أن تفرق بين المرء وزوجه، أو تقريب بين المرء وخصومه السابقين.
وهى بديهيات نراها ونعترف بها فيما يدور من سياسة دولية أو إقليمية، بينما تصيب البعض الدهشة من رؤيتها عندنا.
والمندهشون لا يرون إلا ما يريدون، وفى تقييم المواقف بين السيسى وحمدين، كلاهما مرشح يطرح نفسه للمجتمع كله، ويرشح نفسه ليحكم الجميع، ويسعى لكسب ثقة 94 مليونا، بينهم الطيب والشرير، والثائر والفلول، الغنى والفقير، ويسعى ليجذبهم ويعرض عليهم ما ينوى عمله، ويسعى لكل الوسائل التى توصله لهدفه، وهو كسب الأصوات.
وعندما يفوز فسوف يكون رئيسا لكل هؤلاء، وبالتالى لا يمكن توجيه اللوم لمرشح التقى «فلان» أو قابل «علان». لأن المرشح غير الناخب، المرشح يحتاج الجميع، والناخب يختار واحدا. وهو أمر يثير دهشة البعض، فى عالم السياسة الذى تصبح فيه كثرة الاندهاش مأساة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة