كالعادة فى كل انتخابات هناك مرشحون يصرون على ترشيح أنفسهم ويخوضون العملية بجدية أو بهزل، وخلال الأيام الأولى من فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة تكررت ظاهرة التزاحم من مجهولين.. يتصور من يراهم أن البلد كلها مرشحة، وكل من هؤلاء المحتملين يتحدث بجدية عن برنامج يحل مشكلات مصر والعرب وأفريقيا والعالم وربما يستمر لإصلاح الكون، وهو أمر يتجاوز التسلية إلى الكوميديا، فى المرة السابقة كان من بين المرشحين المحتملين حانوتى وتربى ومعلم وقهوجى ومحام وداعية، بعضهم يروح اللجنة على دراجة أو موتوسيكل ناهيك عن المهدى المنتظر والمحتمل.
وهذه المرة رأينا مرشحاً محتملاً يصر على سرية برنامجه، حتى لا يسرقه مرشح آخر، أو مغامر يريد البقاء لأطول فترة ممكنة أمام الكاميرات، لأنهم يعرفون أن الكاميرات مسلطة على منطقة اللجنة العليا للانتخابات.
والغريب أن البعض يسخر من مرشحين يمارسون حقهم السياسى، بينما كان هناك من بين المرشحين الكبار فى المرات السابقة من اتضح أنه يفتقد إلى الصفات العقلية المطلوبة، ومع هذا فقد كانوا ومازالوا يتزعمون قطاعات من المجتمع، وبينما يريد المحتملون الظهور أمام الكاميرات، فإن بعضهم نجح فى الضحك على مريدين كانوا يدافعون عنه ويعتبرونه من أهم منتجات العصر.
وربما كان الإعلام سببا فى ظهور الكائنات السياسية اللطيفة، من محترفى الكاميرات، والسبب أن الكلام أصبح سهلاً، وهناك محللون ومحرمون مستعدون للفتى فى أى موضوع وتسهيل كل الحلول وفبركة أى وضع، وقد انطلق علينا خلال السنوات الأخيرة أنواع من النشطاء والسياسيين، يمتلكون الحقيقة كاملة ولديهم دلو فى كل بئر، وحل لكل مشكلة. وهو أمر جعل المهمة سهلة وتصور البعض أن البلد سوف يدور ويتقدم خلال أيام، ولهذا لا يختلف كلام بعض المرشحين المبتدئين كثيرا عن تحليلات بعض الاستراتيجيين، وهو ما يجعلهم ضحايا لفساد التعليم والتوك شو، ويظهر المرشح المحتمل متحدثا بسمت وصورة خبير توك شو، يشير بيديه وقدميه وحواجبه ورموشه وكل أعضائه، واثقاً أنه سوف يصطاد مريدين يؤيدونه فى مولد لا يظهر له أول من آخر.
وكل هؤلاء المحتملين، سواء منهم العاقل أو الأهبل، نتيجة طبيعية لعصر الكاميرات، التى يدمنها بعض البشر، ويستعدون دائماً لقتل أنفسهم من أجل الطلوع فى الصور والفضائيات. ويعملون بنظرية «اترشح الصورة تطلع حلوة».