كانت ثورة القاهرة الثانية (20 مارس 1800) تواصل شعلتها ضد الحملة الفرنسية، وكان قادة المماليك الذين شاركوا فيها، يبحثون عن أى مغنم لهم من "الحملة" التى كان "كليبر" قائدها وقتئذ بعد سفر نابليون إلى فرنسا، كانت مقاومتهم للفرنسيين من أجل مصالحهم الخاصة ليس أكثر، ويشير "كليبر" فى مذكراته إلى واحد من أكبر قادتهم قائلا: "أرسل لى مراد بك عدة قطعان من الواشى ليبرهن على إخلاصه، لكنه فى الوقت نفسه كان يكتب إلى الصدر الأعظم، بأنه مقيم فى طرة خصيصا ليمنعنا من جلب المؤونة من الصعيد".
أثناء ثورة القاهرة الثانية، ظل "مراد بك" مقيما فى طرة بعيدا عن حركات القتال، وتمت مفاوضات الصلح بينه وبين كليبر، وحدث التوقيع عليها فى مثل هذا اليوم "5 أبريل 1800"، بينما كانت مدافع الفرنسيين تمطر قنابلها على سكان القاهرة، وكان الهدف منها بالطبع هو انسحاب اتباع "مراد بك" من الثورة، مقابل مكسب يحصل عليه، وبالتالى إعطاء مدد من الزمن يطيل بقاء الفرنسيين فى مصر، وتدل نصوص المعاهدة على ذلك.
تألفت نصوص المعاهدة من عشر مواد، ويأتى بها "عبد الرحمن الرافعى" فى كتابه "تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر- الجزء الثانى"، وتنص على:
اعتراف القائد العام للجيش الفرنسى بصفته ممثلا للحكومة الفرنسية بمراد بك أميرا وحاكما للوجه القبلى، ويخوله بناء على ذلك السلطة على تلك البلاد ابتداء من "بلصفورة" الكائنة بمديرية جرجا إلى أسوان، فى مقابل أن يؤدى للجمهورية الفرنسية الخراج الواجب دفعه لصاحب الولاية على مصر، وحددها الخراج فى الاتفاقية بـ"250 كيسا"، علاوة على 15 ألف أردب من القمح، و20 ألف أردب من الشعير والحبوب، ويخصص لمراد بك إيراد جمرك القصير وإسنا.
يحتل الجيش الفرنسى فى "القصير" على أن يكون لـ"مراد بك" الحق فى إبقاء فصيلة من الجنود المماليك فيها، وعليه دفع النفقات الحامية الفرنسية فيها، وأن لا يقل عدد جنود هذه الحامية عن مائتى جندى، وعلى كل من الطرفين أن يسلم الطرف الآخر الجنود اللاجئة إليه، ولا يجوز لكل منهما قبول الفلاحين الذين يمتنعون عن دفع الضرائب ويفرون إلى منطقة الطرف الآخر.
تكون إقامة مراد بك فى "بندر جرجا"، وعليه أن يوفد إلى القاهرة أحد البكوات من أتباعه مندوبا عنه لدى القائد العام يقيم بالقاهرة، ويضمن القائد العام لمراد بك تمتعه بإيراد المنطقة التى يحكمها، ويتعهد بحمايته فى حالة مهاجمته، وإذا حصل هجوم على المنطقة التى يحتلها الجيش الفرنسى فعلى "مراد بك" أن يرسل إليها قوة من جنوده توازى على الأكثر نصف قواته، ويتعهد القائم العام بأن لا يقبل أى اتفاق فيه مساس بالمزايا المخولة لمراد بك فى هذه المعاهدة.
سلم "مراد بك" العثمانيين اللاجئين إليه إلى القوات الفرنسية، وسعى إلى أعوانه فى القاهرة إلى تسليم المدينة، ولما فشل أشار إلى كليبر بـ"إحراق القاهرة"، وبالفعل سلمه مراكب محملة أحطابا.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أبريل 1800.. المملوك "مراد بك" يخون ثورة القاهرة الثانية بتوقيعه صُلحًا مع كليبر
السبت، 05 أبريل 2014 09:18 ص
سعيد الشحات
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة