كنت أصاب بحالة من القرف كلما كنت أشاهد مطاريد حثالة الإخوان من «المثقفين» المصريين على شاشة فضائية الجزيرة التى خصصتها قطر فى محاولتها البائسة لتفكيك «الدولة المصرية» برعاية إسرائيلية أمريكية، غير أن الأمر لم يتوقف عند «فضائية الجزيرة» بل ظهرت بعض البثور الفضائية التى يمتلكها ويديرها بعض صغار العملاء ومطاريد الشعوب العربية لمساعدة فضائيات قطر المشبوهة مقابل أجر لاستضافة هؤلاء «المقرفين» الذين يرددون كببغاوات بائسة «ثورة دى ولا انقلاب»، وقبل أيام ظهر واحد من كذابى قياديى الإخوان وجاسوس التنظيم الدولى مع «إبراهيم منير» فى لندن واسمه «محمد غانم» ليقول: إن «قطر» و«حماس» صاحبة حق فى محاولتها إسقاط الدولة فى «مصر» دفاعا عن «الأمة الإسلامية»، وقال متحدثا عن أهم مبادئ الإخوان المسلمين بكل فجر وبالحرف الواحد: «إذا تعارض كيان الدولة مع كيان الأمة، فيجب إسقاط كيان الدولة..عملا بالآية الكريمة «إِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ»، ليس «إسقاط النظام» ولكن «إسقاط الدولة»، هذا ما يعمل عليه الإخوان تحت شعار مرشدهم الأسبق «طز فى مصر» وتحت شعار مسخهم الذى كان رئيسا لمصر فى غيبة من الزمن «المسلم الماليزى أقرب إلى من المسيحى المصرى»، مرة أخرى، إذن المسألة ليست «إسقاط النظام» ولكن «إسقاط الدولة»، وكان الشعار الأساسى لثورة 25 يناير المجيدة «الشعب يريد إسقاط النظام» ورفع الجميع نفس الشعار فى الموجة الثانية فى 30/6.
وهناك فرق شاسع بين «النظام» و«الدولة»: فمصطلح «نظام الحكم» يعنى جملة القوانين والقواعد التى يخضع لها المجتمع، وهناك مثلا نظام حكم اشتراكى، ونظام حكم رأسمالى، وهناك النظام الرأسمالى والنظام الملكى، ومصطلح «الدولة» يعنى تجمعا سياسيا يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادى فى نطاق إقليمى محدد، ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة، وبالتالى فإن العناصر الأساسية لأى دولة هى «الحكومة» و«الشعب» و«الإقليم»، بالإضافة إلى السيادة والاعتراف بهذه الدولة، بما يكسبها الشخصية القانونية الدولية، ويمكنها من ممارسة اختصاصات السيادة لا سيما الخارجية منها.
وتتسم «الدولة» بخصائص أساسية تميزها عن المؤسسات الأخرى أهمها: ممارسة السيادة، فهى بهذا تعلو فوق أية تنظيمات أو جماعات أخرى داخل الدولة، والطابع العام لمؤسسات الدولة، وذلك على خلاف المؤسسات الخاصة للمجتمع المدنى، فأجهزة الدولة مسؤولة عن صياغة القرارات العامة الجمعية وتنفيذها فى المجتمع، والتعبير عن الشرعية فقرارات الدولة بوصفها ملزمة للمواطنين، حيث يفترض أن تعبر هذه القرارات عن المصالح الأكثر أهمية للمجتمع، والدولة أداة للهيمنة، حيث تملك الدولة قوة الإرغام لضمان الالتزام بقوانينها، ومعاقبة المخالفين، وكذلك الطابع «الإقليمى» للدولة، فالدولة تجمع إقليميا مرتبطا بإقليم جغرافى ذى حدود معينة تمارس عليه الدولة اختصاصاتها، كما أن هذا التجمع الإقليمى يعامل كوحدة مستقلة فى السياسة الدولية.
و«نظام الحكم» بالنسبة لـ«الدولة» مثل «نظام التشغيل» بالنسبة للكمبيوتر، فنظام التشغيل «ويندوز» هو الذى يبط جميع الأجهزة داخل الكمبيوتر «الهاردوير»، فنظام التَّشغيل فى الحاسبات والمعلومات هو مجموعة البرامج التى تتحكّم بعمليَّات الحاسوب والمعدَّات داخل الحاسب الآلى، فهكذا «نظام الحكم» بالنسبة لـ«الدولة»، وكما يمكن تغيير «نظام التشغيل ويندوز» فى الحاسب الآلى بنظام التشغيل «لينوكس» بدون أن تتدمر الأجهزة داخل الحاسب الآلى، وكذلك يمكن تغيير «نظام الحكم» من «رأسمالى» إلى «اشتراكى» أو من «ملكى» إلى «جمهورى» أو العكس دون هدم «الدولة».. وللحديث بقية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة