يخطئ من يظن أن العمليات الإرهابية بدأت منذ فض اعتصام رابعة العدوية، فالحقيقة أنها بدأت منذ عقود طويلة ثم توقفت لفترة محدودة فى تلك الفترة التى يجوز أن نسميها «فترة الخمول النفعى»، وبدأت مرة أخرى بعد أشهر من تولى محمد مرسى الرئاسة تحت غطاء «النفير العام»، ثم كان انتشارها وتجليها بعد أن شعر الإخوان بالخطر قبيل رحيل مرسى فى عدد من المحافظات التى لم تجد غير القمع سبيلا لصد تظاهرات المعترضين على «حكم المرشد»، واشتدت وتنامت بعد 30 يونيو، ثم كان الإعلان الصريح عن تبنى كل أشكال الإرهاب بعد الفض.
ومنذ أن باتت صورة الإرهاب الإخوانى واضحة جلية للجميع رفعت الدولة بمؤسساتها كافة شعار «الحرب على الإرهاب»، واتخذت من أجل هذا الشعار كل التدابير المتعارف عليها فى الحروب، ففرضت حظر التجول وسنت العديد من القوانين التى تمكنها من الانتصار فى هذه الحرب، وحلت جماعة الإخوان المسلمين واعتبرتها جماعة إرهابية، وطاردت قياداتها وأعضاءها فى كل مكان، وظللنا فى حالة «طوارئ» متقبلين العديد من الإجراءات الاستثنائية، مباركين إياها لأننا فى ظرف استثنائى، والآن بعد مرور ما يقرب من تسعة أشهر فى ظل هذه الإجراءات الاستثنائية، وبعد أن أصبحت التفجيرات سمة من سمات الحياة فى مصر، يحق لنا أن نتساءل: هل تحارب مصر الإرهاب فعلا؟
إجابتى عن السؤال السابق هى «لا»، فمصر لم تحارب الإرهاب لا الآن، ولا فى أى وقت مضى، وكنت آمل أن تبدأ مصر الحرب الفعلية على الإرهاب بعد تغيير السلطة، وبعد ثورة اشتعلت بدايتها الحقيقية فى اعتصام المثقفين فى وزارة الثقافة، فلا يكمن الإرهاب فى مجرم يحمل سلاحا يقتل به ضابطا أو مجندا، أو فى ريموت كنترول يفجر به منشأة أو حافلة، لكنه يكمن فى تلك العقول التى سكنتها الظلمة، وأصبحت للحياة عدوا، فليس الإرهاب سوى طفحا جلديا لعدوى جرثومية أصابت المجتمع المصري، ومن غير المعقول أن تظل الدولة بجميع مؤسساتها تحارب «الطفح الجلدى» دون أن تقتل الجراثيم الفكرية المؤسسة للإرهاب، وهنا لك أن تسأل: نفسك: ماذا فعلت الدولة من أجل تنوير العقول ومحاربة الأفكار السوداء، وإعادة بناء الشخصية الثقافية المصرية، وتطهريها من تيارات العنف الدخيلة؟ ثم اسأل نفسك مرة أخرى: هل تحارب مصر الإرهاب فعلا؟