الحرب بين الدابودية والهلايلة فى أسوان بلا بداية، ولا نهاية، والأسباب المعلنة وجود عبارات مسيئة مكتوبة على الجدران فيها شتيمة أو إهانة للدابودية. وهى أسباب لاتكفى ليموت واحد فما بالنا بعشرات.
خرجت الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وتبادل الطرفان القتل وتساقط عشرات، من الصعب التوصل إلى أسباب موضوعية للقتل المجانى، الذى راح ضحيته مايقرب من 30 نفسا، وثأرات مستمرة قد تتواصل لأجيال وأجيال، هذا النوع من المعارك معروف فى الصعيد وشائع. يتكرر كل فترة ضمن ثأرات نفس مقابل نفس. أحيانا تتسع لتشمل عائلات فى مواجهة بعضها، وهى معارك بلا بداية ولانهاية، وغالبا ما تشتعل من دون قدرة لدى أجهزة الأمن على التدخل فيها، لأن تدخل الأمن أحيانا يضاعف من الضحايا.
بعض المعلقين على فيس بوك وتويتر يتعاملون مع معارك أسوان بنفس طريقة التعامل مع كل الأحداث، فريق يتهم الحكومة وآخر يدافع عنها، ولا أحد يتوقف ليعرف أن الأمر يتجاوز الحكومة والدولة، وبعض من ينتمون للصعيد يحاولون شرح هذه الأمور المعقدة، باعتبارها تتم بلا قواعد ولا أسباب.
من تأمل الشهادات المتناثرة حول حرب الدابودية والهلايلة، ممن ينتمون للمكان، يحد كل معلق ينحاز لفريقه أو عائلته وقبيلته. بينما من يعيشون بعيدا عن هذا المجتمع يصعب عليهم تصور قيام حرب قبلية بسبب لعب عيال أو شتائم، بينما يبرر بعض المنحازين لفكرة الصعيد الأمر ويعتبرونه من أسس القضاء والقدر.
الأمن بالطبع عليه مسؤولية، ليس لأنه يرفض التدخل فى البداية لكن لأن الحكومة عليها استغلال أول لحظات هدوء وفرض حظر تجوال والتعامل بحسم لمنع اتساع الصراع ودخول عائلات أخرى. الحكومة وأجهزة الأمن تلعب دور المطافى والإسعاف. وتحاول منع اشتعال مزيد من الحرائق. لكن الدور الأهم للدولة هو انتشال هذه المجتمعات من الجهل والتعصب والفقر، وطريقة تفكير تجعل الفقير يحرص على شراء سلاح أكثر من امتلاك طعام.
هى قصة مجتمع أكثر منها قصة سياسة، ومن يحاولون قراءتها من باب السياسة ينطلقون من مقدمات خاطئة، فهذا النوع من حروب الدم يقوم فجأة ويخفت فجأة، وتبقى النار تحت الرماد قابلة للاشتعال. لأنها حروب تنتمى لمجتمعات تفتقر إلى الوعى، ودور الحكومة والدولة هنا هو دور يتعلق بالوصول للصعيد من القلب وليس فقط من القشرة.