فى صيف 2010 كنت فى زيارة إلى لبنان لحضور حفلات مهرجان بعلبك الموسيقى ضمن وفد إعلامى وفنى عربى، ولاحظت وقتها كثرة انقطاع التيار الكهربائى على مدار اليوم، ولأن الجو كان حارا بدرجة كبيرة، ولأن مستوى الرطوبة كان أكبر مما توقعنا كان الجميع مستاء من الانقطاع المتكرر للكهرباء، وحينما لاحظ إخواننا اللبنانيون استياءنا حاولوا تبرير هذه الظاهرة «الغريبة»، وقالوا لنا إن لبنان تعانى منها منذ حرب 2006، التى استطاعت إسرائيل فيها تدمير العديد من محطات الكهرباء، وقالوا إن الحكومة اللبنانية تحاول حل هذه المشكلة، واعتذروا لنا مرارا على خطأ لم يرتكبوه، فما كان منا إلا أننا خففنا من حدة إظهار الاستياء، مؤكدين على أن تلك المشكلة يعانى منها العالم العربى كله، وأننا نقدر معاناة الشعب اللبنانى الحبيب، وأننا متضامنون كلية مع سعى هذا الشعب الدائم لتحرير بلده وتطويره.
لا أعرف إن كانت لبنان تعانى من هذه الظاهرة أم أنها استطاعت أن تتغلب عليها، لكنى أعرف أن مصر لم تدخل فى حرب حتى تتدمر بنيتها التحتية، وأن مشكلة انقطاع التيار الكهربائى لم تكن مفاجأة لنا حتى يأتى اليوم الذى نعانى فيه من انقطاع التيار الكهربائى مثلما عانت لبنان، لكن المؤلم أن نعانى من مشكلة انقطاع التيار الكهربائى، فى حين أن مصر تصدر خبرتها فى بناء المحطات الكهربائية للدول المجاورة ومنها «لبنان»!
أتت حكومات وذهبت حكومات ومازالت مشكلة انقطاع التيار الكهربائى مستمرة، والغريب فى الأمر أن الحكومة المصرية تتعامل مع هذه الظاهرة المدمرة وكأنها ظاهرة طبيعية لا حول لنا ولا قوة فى مواجهتها، حتى إننى تخيلت أن السيد وزير الكهرباء تقمص دور مذيع نشرة الأحوال الجوية وهو يؤكد أنه يتوقع انقطاع التيار الكهربائى من 3 : 6 مرات فى الصيف المقبل، دون أن يخربنا بخطة الوزارة لمواجهة هذه الظاهرة التى تعيد مصر إلى العصور الوسطى!
الغريب أن «الدولة» لا تكف عن دعوة الناس إلى العمل والإنتاج، غير مدركة أن العمل يحتاج إلى «طاقة»، والمصانع تحتاج إلى كهرباء، وأن ما نشهده الآن هو «خراب بيوت» حقيقى، وأن دور السيد وزير الكهرباء يتعدى كثيرا دور «مذيع نشرة الأحوال الجوية».