وائل السمرى

الوجع الآتى من أسوان

الثلاثاء، 08 أبريل 2014 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وكأنها عقوبة شيطانية، كل شىء جميل يتهاوى، كل الصور الإيجابية عن مصر الجميلة تتبدل بأخرى مظلمة كئيبة سوداوية، قديما كانت الصورة الذهنية لأسوان كفيلة بأن تنقلك إلى أجواء رحبة من المحبة والحرية والبساطة والشفافية، كان أهلها يتميزون بصفاء القلب والطيبة والعزة وحسن المعشر، لم نكن نعرف لهم اسما سوى «أسوانى» ينتمى إلى تلك المحافظة الجميلة التى تحتضن النيل باتساعه فتشعر أنها الأم الحنون التى تطلق ابنها النيل ليعمر مصر ويلونها بألوان الحياة المبهجة، صارت أسوان الآن محل اهتمام الجميع، لا بسبب تفجر نبع الحياة المصرى منها، لكن بسبب تفجر شلالات الدم من أبنائها، وكفى بها نقمة.

لا يعقل أن نختصر أزمة أسوان الأخيرة فى خلافات قبيلتين حول عبارات مسيئة انتشرت هنا أو هناك، ولا يعقل أيضا أن نلخص أزمة أسوان فى أن الإخوان هم الذين أشعلوها، فمات العشرات وأصيب المئات، فهذه طريقة هزلية لمعالجة أزمة كارثية، بل إنه من العيب أن نقول إن تلك «معالجة» بل هى إشعال لنار مستقبلية، وتراخٍ عن علاج الأزمة الحقيقية وهى أن الدولة غائبة عن تلك البقعة العزيزة من بقاع مصر، تماما مثل غيابها عن بقية البقاع، لكن للأسف تزداد الخطورة إذا ما وضعنا فى الحسبان أن تلك المحافظة الساحرة على حدود مصر، وأن الأزمة فى الأساس هى أزمة «عرقية» وأننا لو لم نعالجها ببسط يد الدولة بقوتها ونعومتها على تلك المنطقة فإنها ستتحول إلى إلى آتون من نار موقدة يلهب مستقبل مصر ويهدد استقرارها.

إن لم تنتبه الدولة إلى أن أطرافها تتجمد وعمقها الحيوى يضرب فى مقتل فقل على الدولة «يا رحمن يا رحيم» وإذا استمرت فى معالجة المشكلات الكبرى بالزيارات الخاطفة ومجالس الصلح العرفية وتطييب الخاطر وتقبيل الرؤوس فهذا سيعد اعترافا بمنهج القبيلة فى معالجة المشكلات، وهو الأمر الذى من شأنه أن يرسخ لتقاليد القبيلة بكل مفرداتها، بداية من المعايرة بالنسب والمفاخرة بالمال والعدد والحسب وحتى الاقتتال بالسلاح، والحل الوحيد هو قتل تلك النزعات العرقية بقوة وحسم، وتبنى مشروع ثقافى حقيقى يرسخ قيم المواطنة ويقضى على قيم «القبيلة».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة