حينما نعى د. منير مجاهد رفيقى هانى عياد لم أصدق، كنا على تواصل من أسبوع، وعدنى بأن يعرفنى على ابنه الزميل شاهر، ظللت أسأل مرات ومرات.. غير مصدق، ولكنى حينما تأملت صورته على الجدار.. فوجدته فى البعد وفى القرب جميلا، بكيت كثيرا فارتحت قليلا.
الزمن مايو 1978، بيروت المقاومة، بيروت الغربية.. فى الفكهانى، تعرفت على الفتى هانى، كنت من أنصار حركة فتح وكان من أنصار الجبهة الشعبية، وكان يضمنا حلم تحرير مصر وفلسطين، كان كلانا يكتب فى مجلة الهدف لسان حال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كان هانى وطلبة آخرين طلابا فى جامعة دمشق، وكان تجمع الوطنيين المصريين فى الخارج يترأسة الفنان السينمائى فؤاد التهامى، ومسؤول دمشق الكاتب الراحل سيد خميس، وتعددت لقاءاتنا فى بيروت بمقر مجلة اليسار العربى (لسان حال الحزب الشيوعى المصرى) التى كان يرأس تحريرها المفكر الراحل ميشيل كامل، وما بين اليسار العربى والهدف والنداء والسفير والنهار فى بيروت، وتشرين والثورة فى دمشق، تعددت كتابات هانى، كان رفيقى هانى متعدد المواهب، مقاتلا، كاتبا، محللا سياسيا، يحفظ مواويل كثيرة صعيدية (من أبوقرقاص مسقط رأسة) فجأة وجدته يطلب منى أن نتبادل الحديث عن حياتنا الخاصة، (كنا نتعامل بأسماء حركية كان شاهر وكنت زكى) ويالا الغرابة كلانا سمى ابنه على اسمه الحركى!! كان يشعر دائما بالموت وحكينا لبعضنا البعض كل شىء من أجل أن ينقل كلانا عن الآخر للأهل ما لم ينقله الآخرون، كان هانى قريبا جدا من الشهيد أبو على مصطفى، وفى نفس الوقت كان يحترم الرفيق نايف حواتمة «زعيم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» كان الفتى الفارس يحلم بوجه اليسار الفلسطينى، وفى إحدى ليالى بيروت رأيت الدموع تتدفق فى صمت من مقلتيه، كان الفنان الراحل عدلى فخرى يغنى للمقاتلين: «وبحلم يا مصر تروى ما ضيكى بأمانة» ربت على كتفه وانزوينا نحلم بالوطن القادم من أعماق الجرح وأحلام الفنانين العشاق، تذكرت ما كان يحبه لدرويش: مديح الظل العالى «آه يا أفق تجلى من حذاء مقاتلا لا تنغلق».
وأخيرا قد آن يا شاعر للقلب الجريح أن يستريح.. وها أنا أهديك باقة من زهور شعر، الراحل محمود درويش:
استشهد الماء ولم يزل يقاتل الندى
استشهد الصوت ولم يزل يقاتل الصدى
وأنت بين الماء والندى
وأنت بين الصوت والصدى
فراشة تطير حتى آخر المدى
وستظل يا رفيقى باق فى شعبك، باق فى حزبك، باق فى قلبى ضحكة ولدك، عزائى للوطن الذى أحببته، وفلسطين التى أحبتك، ودمشق التى جففت دمعك، لن أقول وداعا وإلى لقاء قريب حيث لا ألم ولا دموع، فى عالم أكثر شفافية وعدلا. عزائى لابنى الذى رأيته فيك شاهر، ولـ«اليوم السابع» حيث كانت كلماتك نور ونار.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة