دخلت فى حوار مع شباب واعد حول الانتخابات الرئاسية، هم يميلون إلى المقاطعة، بعضهم قالوا لى إنهم قرروا وانتهى الأمر، وآخرون قالوا إنهم أميل إلى المقاطعة، لكنهم قد يتراجعون.
هؤلاء الشباب لا ينتمون إلى تيارات سياسية بعينها، ولا يوجد منهم عضو فى حزب، وإنما ينتمون إلى الوعى الوطنى الجامع، المؤمن بشعارات ثورة 25 يناير عن «العيش» و«الحرية» و«الكرامة»، خرجوا كلهم فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، أى أنهم ضد نظام مبارك، وضد جماعة الإخوان وحكم مرسى، هم عمليون أكثر منهم سياسيون، قد تجد منهم الكثير مما لا يقفون أمام تفاصيل المشهد السياسى، وإنما ينظرون إلى نتيجته، ينظرون إلى اللوحة كاملة دون تجزئة.
الشريحة العمرية للشباب الذين تحدثت معهم، من العشرين إلى أبواب الثلاثين، أغلبهم من خريجى الجامعات، منهم من لا يزال عاطلا، ومنهم من يكسب قوت يومه باليومية، ومنهم من لا يزال فى دراسته الجامعية، ويتحدث بوصف القادم مجهولا أمامه فيما يتعلق بالعمل وتأمين الحياة بكرامة، وعلى ألسنة هؤلاء يتردد الاستعداد لموجة ثالثة من الثورة، مما يشير إلى أن معطيات الحاضر لا تعطيهم ثقة فى المستقبل.
وللعلم فإن عدد سكان مصر فى الفئة العمرية من 15 عاما إلى 29 عاما، بلغت %29 فى آخر إحصائيات تعداد السكان، أى أننا أمام أكثر من ثلاثين مليونا من هذه الفئة، وسيقل العدد بالنسبة لمن لهم حق التصويت، لكننا فى المجمل نحن أمام نسبة تؤكد أننا أمام مجتمع شاب بمعيار السن، لكنه مجتمع عجوز بمعيار التوجهات، وقد يقول قائل إن معظم هؤلاء ليس من الصحيح يقاطعون الانتخابات، بدليل أن منهم من يؤيد السيسى بقوة، ومنهم من يؤيد حمدين بحماس كبير، لكن لو اعتبرت ما سمعته ويسمعه غيرى فى نفس القضية دليلا على وجود شريحة لا يستهان بها من داخل هذه الفئة لها موقف سلبى من الانتخابات الرئاسية، فنحن أمام قضية لا يجب التعامل معها باستهانة واستخفاف، وتقترب من نفس الحالة التى كانت موجودة أيام مبارك وإن دخل عليها بعض التحسينات.
حجة الفريقين أنهما يرون أن الانتخابات نتيجتها محسومة مقدما، وبعضهم قالوا إنها تمثيلية، وأن الثورة تم اختطافها، وكل الطرق تقود الآن إلى العودة لنظام مبارك، ودللوا على ذلك بأن أجهزة الدولة مازالت كما هى على فسادها، وأن ما يحدث فى الإعلام الآن يبشرنا بعودة نظام مبارك، فالإعلام الذى حاول أن يكون متوازنا بعد ثورة 25 يناير، يعود معظمه الآن إلى الخلف در.
كانت ردودى، أن المقاطعة هى فعل سلبى حين لا تكون مشمولة بغطاء سياسى وجماهيرى كبير، وتكون إيجابية حين تتلاحم فيها قوى سياسية واجتماعية مؤثرة، صحيح أنها تعبر عن وجهة نظر، لكن فى مثل ظروفنا فإن الاشتباك هو الأصوب، ويحقق نتائج أفضل، فالذهاب إلى صندوق الانتخابات ووضع الصوت لمن يستحقه، هو من أساليب التغيير.
إن جلس كل شاب فى بيته مقاطعا، فهذا يعنى أنهم خارج صياغة مشروع للوطن والمستقبل، سيعنى أنهم يسلمون المستقبل إلى غيرهم رغم أنهم الأحق به.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة