اتصور أن هناك خلطاً بين العدالة الاجتماعية والإبادة الجماعية. فليس من العدالة أن تأخذ من الفقير لتعطى الأفقر منه أو أن تغالى على محدود الدخل حتى توفر لمعدوم الدخل. أو أن تأخذ من فم العامل لتضع فى جوف العاطل، فالعدالة الاجتماعية ليست أن نعيش متساوين فى الفقر بل أن نحصل على فرص متكافئة للعمل والستر. أقول ذلك لأنى أشعر بأن المرحلة القادمة ستكون سوداء على الطبقة المتوسطة وخصوصاً الموظفين وأشعر بأن هناك اتفاقا ضمنيا لمص دماء هذه الطبقة الهزيلة لحساب المعدمين من ناحية ورجال الأعمال من ناحية أخرى. فكل المؤشرات تؤكد أن الدولة فى طريقها لإبادة هذه الطبقة اقتصادياً واجتماعياً بحزمة من الاصلاحات المعوجة أو الناقصة التى قد تؤدى إلى توفير سريع فى ميزانية الدولة ومواردها، ولكن ذلك لن يدوم طويلاً فسرعان ما سوف ينتقل أبناء هذه الطبقة من خانة الستر إلى تحت خط الفقر وساعتها سنكون مثل الرجل الذى فقد عموده الفقرى واكتفى (بحظه الفقرى) فتلك الطبقة العاملة المنتجة هى الأكثر التزاما بدفع الضرائب %20 لأنها تخصم من الباطن وهى الأكثر طلبا على المنتجات المصرية بأنواعها لأنها من ناحية تملك قدرة شرائية نتيجة عملها واجتهادها ومن ناحية أخرى غير قادرة على أسعار المنتجات الأجنبية. وعلى ذلك فهى المورد الأصلى لضريبة المبيعات والرسوم والضرائب المشابهة. كما أن هذه الطبقة هى التى تدفع فاتورة رجال الأعمال وتعطيهم أرباحهم الناتجة عن صناعة أو تجارة. ثم أن هذه الطبقة هى التى تدفع ما يقرب من نصف دخلها لتعليم أبنائها فى المدارس الخاصة أو فى الدروس الخصوصية. وغالباً لا تستفيد من خدمات الدولة فى أى مجال سواء فى الصحة أو التعليم أو دعم المواد الغذائية، بل الأدهى أنهم الطبقة الوحيدة التى يتم السيطرة على معدلات الزيادة فى دخلها. فأى راتب لن يزد أكثر من %10 سنوياً بينما من حق أصحاب المصانع أو المتاجر أو المدارس أو بعض المهنيين أن يضعوا هامش ربح خرافى بلا حرج بلا أى رقابة من الدولة وبشكل احتكارى شعاره (أركب أعلى ما فى خيلك) فماذا سيكون موقف تلك الطبقة الحائرة بعد تنفيذ الإصلاحات المقترحة من رفع الدعم عن الوقود وزيادة أسعار الكهرباء والغاز والماء ووضع رسوم وضرائب أضافية هل ستستمر فى العطاء أم ستفكر فى الانتحار.. فكروا معى إلى أن نكمل حديثنا الأسبوع القادم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة