طبيعى أن نجد فى سباقات الرئاسة وأى انتخابات منافسة حامية بين أنصار كل مرشح سواء السيسى أو صباحى، ومعروف أن المواقف السياسية تتبدل وتختلف مرة وراء أخرى، والأندهاش بما لا يدهش هو أمر يثير الدهشة.
رأينا عدداً من حلفاء حمدين صباحى فى الانتخابات الرئاسية الماضية، تركوه وانضموا إلى مؤيدى السيسى، ومنهم المخرج خالد يوسف الذى كان أحد أهم أضلاع حملة صباحى الماضية، وأبناء الرئيس جمال عبدالناصر وأعداد من الناصريين واليساريين، ممن كانوا حلفاء طبيعيين لحمدين. وفى المقابل هناك ناخبون كانوا مؤيدين لمنافسى حمدين، أصبحوا اليوم معه بوضوح، ومنهم من كان يعادى صباحى فى الانتخابات الماضية، هؤلاء اختاروا بوضوح جانب صباحى. وقرروا التصويت له.
وبالتالى فإن تغيير المواقف وتقلباتها وارد، وقد يحتاج لتفسيرات لكنه لا يستدعى كل هذه الحروب التى تتحول إلى سب وقذف، فكل واحد له رأيه ومصالحه، ورؤيته، حتى لو كانت عكس منطق الآخرين، فهى طبائع السياسة. لكنها مواقف واضحة، لا تتحمل كل هذه التعليقات والحروب والاتهامات التى تتجاوز خلافات الرأى إلى ظاهرة الردح السياسى. أو النفاق الفج لهذا المرشح أو ذاك، وهى ظاهرة ليست وليدة اليوم، لكنها مستمرة طوال 3 سنوات، ورأينا مثلها فى الانتخابات الماضية، وما تزال الاتهامات التى استخدمها البعض فى مواجهة صباحى، يعاد استعمالها.
وهذه الظاهرة «الردحوقراطية» تظهر أكثر على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث يتبارى كلا الفريقان فى اختراع «قلش» يتجاوز السخرية والضحك إلى نوع من التنكيت الفج والفكاهة الغليظة، ونظرة على «هاشتاجات» انتقاد السيسى، أو صباحى، تكشف أن الأمر بدأ بفكاهة ونكت ظريفة، وتحول إلى نوع من السخافة والاستظراف.
والمثير أن هذا الاستظراف، يخرج من عدد ممن لم يحسنوا مواقفهم، فهم يعلنون أنهم ضد الكل، وغالباً كان هؤلاء دائما فى صفوف المقاطعين، وترى الواحد منهم يخبرك أنه (مش مع حمدين ولا السيسى ولا الإخوان، ولا أى حاجة) ويبرر أنه لا يرى مرشحاً مناسباً، بعض هؤلاء عنده موقف، وبعضهم عنده عذر، وبعضهم عنده مصلحة، والبعض يربح من هذا الوضع بحكم عمله، لكن جزءاً من هؤلاء طوال ثلاث سنوات على مثل هذه المواقف، التى تكشف أحيانا عن إحباط أو اكتئاب أو تنفيس، لكنهم فى النهاية لا هم مع «فلان ولا علان ولا ترتان». ويحتاجون من يسألهم «أنت مين ياعم».