أثارت الانتخابات الرئاسية حراكا قبطيا فى المشهد السياسى، فى حين أسرع حزب المصريين الأحرار بدعوة أعضائه بتصويت للسيسى، أعطى الحزب المصرى الديمقراطى الحرية لأعضائه فى التصويت للمرشح الذى يتوافق مع قناعاتهم، الأمر الذى أثار كتلة من الأعضاء «المسيحيين»، وبعضهم قرر الاستقالة والانضواء فى صفوف المصريين الأحرار، والحقيقة أن أى متابع للشأن القبطى السياسى والحزبى كان يدرك أن تلك الكتلة سوف تترك الحزب وأن قضية الانحياز لأى من المرشحين الرئاسيين هى المفجر وليست السبب الأساسى، الأمر يعود إلى حزمة من العوامل منها: أن المواطنين الأقباط فى الحزبين كانت استراتيجيتهم تتلخص فى إسقاط حكم الإخوان، بعد 30 يونيو برز على السطح كاريزما البابا تواضروس الثانى والكنيسة كمكون أساسى من حلف 30 يونيو، ولم يعد للمدنيين الأقباط دور مؤثر فى الحياة السياسية وعادت الكنيسة دون إرادتها الممثل الفعلى للأقباط، تجدر الإشارة إلى أن المجموعة القبطية التى استقالت لم تعد مصالحها الاجتماعية ولا الاقتصادية تتوافق مع المصرى الديمقراطى، وإذا تمت صفقة انضمامهم للمصريين الأحرار سيكون المصريين الأحرار قد أعلن دون أن يدرى أنه حزب الأقباط من جهة وسوف تندلع الصراعات القبطية ــ القبطية فى الحزب حول توزيع المواقع والترشيحات للبرلمان القادم، علما بأن هناك «لوبى» بالمصريين الأحرار خرج من المصرى الديمقراطى ويبحث عن دور، كما أن مشكلة دمج قيادات وكوادر حزب الجبهة لم تنته بعد، على الجانب الآخر يبدو أن تيار اليسار فى المصرى الديمقراطى، إذا ما خرجت بالفعل مجموعة «المحافظين الأقباط» سوف يفقد التيار اليسارى الرأسمال المالى والاجتماعى، وسيجعل الديمقراطيين الاجتماعيين الأقباط الأكثر نفوذا على اليساريين. أيا كان ما سوف يحدث.. فهو إيجابى.. لأن تيار المسيحية السياسية الذى خرج بالكنيسة للوطن بعد 25 يناير قد صار رقما حقيقيا فى المعادلة السياسية، فمن الدخول الجماعى للحزبين «المصرى الديمقراطى والمصريين الأحرار» إلى الفرز السياسى، والتعددية داخل تلك الكتلة التى كانت متجانسة، ويعود الفضل فى ذلك إلى ثورة 30 يونيو وإلى النضال السياسى القبطى منذ معركة الاتحادية وحتى الآن، وإلى المصرى الديمقراطى الذى كان مدرسة حقيقية للصراع السياسى بين المحافظين الأقباط واليسار بالحزب، الأمر الذى أفرز اتجاها مسيحيا ديمقراطيا اجتماعيا بجانب يسار ديمقراطى، وشباب ثورى ولذلك أعتقد أنه رب ضارة نافعة لأن الحراك الذى يحدث يشكل ميلادا جديدا للحزب إذا أدركت قياداته ذلك وأعتقد الفرصة سانحة ليصير مثل حزب العمال البريطانى. أتمنى التوفيق للحزبين.