محمد الدسوقى رشدى

«الإفيه» إله المقاطعين فى مصر الحديثة

الجمعة، 16 مايو 2014 12:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
(1)
مواطن مصرى مقيم فى هولندا، كتب على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى أنه تخلف عن طائرته، وتكلف ما يقرب من 10 آلاف يورو من أجل الإدلاء بصوته فى الانتخابات.
فى الخارج يصنعون من هذه الأخبار قصصًا إنسانية، فى الداخل المصرى يصنعون من هذه الأخبار نكتًا ويجعلونها مادة للسخرية، مع المزيد من التشكيك فى نوايا بطل الخبر ونوايا ناشره.
المدهش أن مصدر السخرية فى تلك الحالة، النخبة الشابة التى تجول وتصول بين المواقع والأماكن للكلام عن الديمقراطية، وحرية الرأى والرأى الآخر، وبدلًا من أن تجد فى الخبر السابق ضالتها للتأكيد على أهمية المشاركة السياسية، تعاملت معه كأنه «إفيه» يستدعى السخرية.

(2)
النخبة: هل تعرف ما الممارسات الديمقراطية؟
المواطن: لأ
النخبة: ولا تذهب أبدًا إلى المشاركة فى الانتخابات والاستفتاءات؟
المواطن: لأ
النخبة: قوم جرب المشاركة.. أقصر طريق إلى الديمقراطية ينتهى بصندوق الانتخابات.
الحوار السابق ليس تخيليًا، ولا يمكنك أن تعتبره مجرد محاكاة للإعلان الرمضانى الشهير «سمنك فى الأكل كتيير»، بل هو أصل العقدة الدرامية للوضع المصرى القائم على نخبة وقوى سياسية، لا تكل ولا تمل من دعوة البسطاء للمشاركة فى الحياة السياسية، وحينما يتقدم البسطاء خطوة للأمام، ويطرقون باب المشاركة فى عملية انتخابية لا تأتى تفاصيلها على هوى النخبة أو القوى السياسية أو بعض النشطاء، تتبخر كل النصائح الخاصة بالممارسة الديمقراطية، وحرية الرأى والتعبير، ويتحول المواطنون إلى مادة للسخرية والشفقة، ثم إلى شماعات يستخدمها الخاسرون لتبرير ضعف موقفهم.

(3)
فى اللغة الفصحى يقولون «المبالغة»، واللفظة هنا «أشيك» من أن تستخدم فى وصف وضع التعليقات الهزلية التى صاحبت طوابير المصريين فى الخارج للتصويت فى انتخابات الرئاسة، ولذلك ينصح باستخدام المفردة العامية «الأفورة» أو التعبير الشعبى «الابتذال ملأ الشوال»، لكى تصف حال القوى السياسية والحزبية التى ظلت لسنوات تتحدث عن سلبية المواطن المصرى، وتمنعه من المشاركة فى الحياة السياسية، ثم فجأة جعلت من هذا المواطن مادة للسخرية، وألقت فوق رأسه الكثير من اتهامات الجهل، لمجرد أنه قرر أن يشارك فى انتخابات ترى هذه القوى وهذه الأحزاب أنها فاسدة، وقررت مقاطعتها.

(4)
المجتمع المصرى انقسم إلى 3 قطع.. الأولى: جسدها هؤلاء الذين بلغوا أقصى حدود «الأفورة» فى دعوة الناس للتصويت لأى من المرشحين. والقطعة الثانية: جسدها بعض النشطاء والأحزاب بدعوتهم للمقاطعة، وإطلاق الشائعات لتشويه صورة الانتخابات الرئاسية. أما القطعة الثالثة فيجسدها بعض من النخبة المثقفة الذين اشتهروا بين الناس بدعوتهم للديمقراطية، وقداسة حرية الرأى والتعبير، ثم تم ضبطهم متلبسين بالسخرية من المواطنين الذين ذهبوا للمشاركة، والإدلاء بأصواتهم، لمجرد أن العملية الانتخابية بمرشحيها لا تأتى على هواهم.

(5)
السؤال الآن: حضرتك راجل ليبرالى وديمقراطى وحاجات كتير فوق بعض، ولا تشعر بالرضا عن ممارسات الدولة الأخيرة، وأنا مثلك تمامًا.. ولكن هل يمكن أن تخبرنا لماذا تسخر من الناس وتصفهم بالجهل وتجعلهم عبيدًا لمجرد أنهم يخالفونك الرأى؟ ألا ترى أن ما تمارسه تجاه أنصار السيسى أو حمدين هو التجسيد الحقيقى لمعنى احتقار الآخر؟








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة