تُرى ما السبب الحقيقى في أن برامج محو الأمية فى مصر لم تؤتِ أُكُلها ولم تنجح فى محو أمية المصريين قرابة النصف قرن من الزمان؟
هل يرجع ذلك الفشل إلى عيوب خاصة بالمناهج المخصصة لمحو الأمية، أم ضعف البرامج الموضوعة نظريًا وعدم قابليتها للتطبيق الفعلى، أم سوء الإدارة لتلك المشروعات؟ ولنا فى أمثلة الفشل باع طويل وعريق يقوم عليه مجموعة المفسدين المتخصصين في إهدار الأموال العامة، وإفشال المشروعات القومية الهامة.
فالعبرة لدى هؤلاء ليست بتحقق الهدف على الإطلاق، بل بما سيجنيه كل منهم من مكاسب وأموال طائلة، أما أن تُمحى أمية هذا أو ذاك فعليًا فلا يهم!
لا أنكر أن هناك جهدًا مبذولا من البعض وخططًا قد وُضعت مرارًا و تكرارًا على مدى عقود طويلة، لكنها فى النهاية مآلها إلى لا شىء، ومفادها تزايد مستمر في نسبة الأمية فى مصر.
أى أنه جهد ضائع مفتقد القدرة على إصابة الهدف، حيث بات دافعًا (نحو مزيد من الأمية وليس محوها).
فالعبرة كما نعلم جيدًا بالنتائج النهائية حتي لا نشكك فى النوايا، أو نلقى اتهامات مسبقة بالفشل والخواء الداخلى لأساسيات تلك المشروعات القومية الكبيرة والهامة فى النهوض بالشعوب ومنحها فرصة كاملة للفوز بنقلة حضارية مستحقة.
ولكن من المُخجل جدًا، أن نجد غالبية الحاصلين على شهادات محو الأمية لا يقوون حتى على هجاء أحرف الكلمة بشكل صحيح، فتجد الممحو أميته يفخر بحصوله علي شهادة (نحو الأمية) على حد قوله.
أتساءل فقط: "ما المانع القوى الذى يحول دون تحقق الهدف، وتقليص نسبة الأمية لدى المصريين مثلما حدث ذلك فى زمن قياسى فى العديد من الدول أمثال كوريا وتايلاند والبرازيل. إلخ ممن استطاعوا قهر معدلات الأمية والنهوض بشعوبهم اقتصاديًا وتعليميًا وثقافيًا؟
أين نحن من تلك الأحلام المؤجلة والآمال المُعطلة والقفزات الحضارية الممكنة، والتى نحن أهلٌ لها علي اعتبار ما كان، لربما تستقيم الأمور و تعود لنصابها المنطقى؟
رأيت مؤخرًا أولى مؤتمرات بروتوكول التعاون بين وزارتى التعليم والشباب لمحو أمية مليون مصرى خلال عام.
لعلها بادرة خير: فربما يكون هناك برنامج مختلف متسق إدارياً وتنظيمياً، متلافياً جميع أو معظم أخطاء العقود السابقة فى هذا المشروع الأهم للنهوض بمصر وانتشالها بحرص من براثن آفات التخلف والتردى (الفقر والجهل والمرض) .
آن الأوان أن نخلع عباءة الفشل ونرتدى عباءة النجاح فنحذو حذو من سبقونا إليه.
فلا نحن أقل منهم ولا هُم أفضل منا، كى نحقق ما تأخرنا عقودًا فى تحقيقه.