إذا أردنا أن نصل إلى مستوى التنافس والسخونة وتوظيف الصفات الشخصية لكل مرشح فى الانتخابات الرئاسية على الطريقة الأمريكية فعلينا أن ننتظر 200 عام، فهو الفارق الحضارى والتقدم الاقتصادى والتكنولوجى والاستقرار السياسى والاجتماعى بيننا وبين الولايات المتحدة الأميركية
أو أى دولة أوروبية أخرى، يبهرنا فيها السقف السياسى المفتوح دون خطوط حمراء فى الحملات الانتخابية الرئاسية فيها، والتى تصل أحيانا إلى درجة «المرمطة والشرشحة وفتح الملايات» بين المرشحين.
ولعلنا نذكر فى الانتخابات الأمريكية فى الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما، ما فعلته هيلارى كلينتون معه فى حملتها الانتخابية، ومحاولة السخرية منه، والتقليل من قدره وشأنه، وإبراز عيوبه بما فيها لونه الأسود وعدم أهليته لأن يكون رئيساً للولايات المتحدة الأميريكية
وبلغت حدة التنافس إلى تبادل الشتائم، واعلان كلينتون أنها تمتلك «ملف فضائح» عن أوباما، وإظهاره أنه الشيطان الأسود الذى يجب على الشعب الأمريكى محاربته ومطاردته واجتنابه.
ومع انتهاء المعركة الرئاسية بفوز أوباما، انتهى كل شىء، و«شيطنة» المرشح الرئاسى أوباما انتهت إلى تعاون بين المتنافسين، وأصبحت هيلارى وزيرة خارجية الإدارة الأمريكية الجديدة. وبدت المفارقة مدهشة ومثيرة لدينا نحن شعوب العالم الثالث التى مازالت فى «كى جى وان» ديمقراطية وتحبو فى تعثر إلى ترسيخ تجربتها الديمقراطية
ومع ذلك وفى التجربة الرئاسية الحالية، نسعى إلى اختزال الزمن، وإغفال عوامل موضوعية كثيرة فى التجربة الأمريكية أو الأوروبية، والقفزة من مرحلة «الكى جى وان» إلى رسالة الدكتوراه فى خطوة واحدة، ونصل إلى سقف «الشتائم والشيطنة» فى الحملات الانتخابية.
ولنتحدث بصراحة عن حملات المرشحين للرئاسة، عبدالفتاح السيسى وحمدين صباحى، فالطرفان فى الأيام الأخيرة لا هم لهما سوى شيطنة المرشح المنافس، والبحث فى ملفاته الشخصية والعائلية وإظهاره بالشخص غير المؤهل لقيادة ورئاسة مصر فى المرحلة المقبلة
أما مرشحهم فهو «ملاك ثورى» يصل إلى مصاف «الصديقين والشهداء والأنبياء» فى العمل السياسى والوطنى، فالسيسى مثلاً – بالنسبة لحملة حمدين- «رجل أدى التحية لمرسى، وخبرته العسكرية لا تؤهله لإدارة شؤون مصر»، وحمدين فى وجهة نظر أنصار السيسى «شخص لا عمل له، وهمه أن يصبح رئيسا ولو لليلة واحدة، ومتعاون مع الإخوان».
شيطنة مرشح وتأليه آخر فى خطوة الديمقراطية الأولى، تدفعنا إلى الانزلاق إلى منحدر أخلاقى غير مرغوب فيه.