فى الأفلام العربى كانت النقاشات بين أولاد البلد عادة ما تكون مصحوبة بجملة «بلا قافية»، تأكيدًا على جدية الموضوع. لكن حالنا السياسى أصبح بقافية وبكل قافية، ونحن فى مرحلة التسالى السياسية.. يسخر الساخرون من تصرفات تافهة، ويحبون هذه التصرفات، ويحتفون بها، و«يتوتون ويفيسون ويلعبون ويحبون ويتداولون»
كل ما يسخرون منه، والكل فى النهاية يحب الفرجة. وهذا ينطبق على السياسة الخارجية والداخلية وحتى على سباق الانتخابات الرئاسية، حيث يختفى الكلام الجاد، وتحل المعايرة، بين حملات المرشحين، سواء «صباحى» أو «السيسى».
ظاهرة الفرجة مستمرة طوال 3 سنوات وأكثر، ثم إنها جزء من ظاهرة عالمية، حيث «الحبة تصبح قبة»، وعليه فقد اهتم غالبية السادة النشطاء والبلغاء بمشهد مصالحة «السيسى» لكل من «مرتضى» و«شوبير»، أكثر مما اهتموا بلقاءات المرشح مع علماء كبار وأطباء وخبراء.. مصالحة «شوبير» مع «منصور»
تشغل الاهتمام حتى من هؤلاء الذين يبدون متأففين من الموضوع، ويفردون مساحات هائلة للنقاش تعاطفًا مع «سما» وخلافها مع «مرتضى».. أنصار «مرتضى» اعتبروه رد الصاع صاعين لـ«سما»، بينما يشعر خصوم «مرتضى» أن «سما» تعرضت للظلم،
ويساندونها. وفى كل موقعة، ستجد ازدواجية واضحة تسمح بشتم الخصم، وترفض نفس الشتيمة على الحليف.. لا أحد يريد الاعتراف بأن أكثر الناس جدية لا يقاوم «القافية والإفيه».
وآخر مثال أن سكان الـ«فيس بوك» و«تويتر»، لم يهتموا كثيرًا بزيارة وزير الخارجية نبيل فهمى لأمريكا، ولم ينشغلوا بفحواها ونتائجها، وعندما جاء تصريح وزير الخارجية ووصفه للعلاقة بين مصر وأمريكا بأنها زواج أو كالزواج
حتى استيقظت غدد التعليقات والتحليلات، وتحول الأمر إلى نكتة.. طبعًا كان على وزير الخارجية أن ينتقى ألفاظه، ويتصرف كدبلوماسى وليس كمأذون، خاصة مع حساسية الوضع
لكنه ربما تصور أن ما تحقق من نتائج على الأرض يسمح له بتصريحات مجاملة يخطب فيها ود أمريكا، وبدا أنه أراد أن يكحلها فأعماها، لكن كان هذا جزءًا من المشهد، وليس كل المشهد، لكن «القافية» تحكم وتخلق موضوعًا للتنكيت والتبكيت.
وهو أمر مطلوب لو كان ضمن التخفيف والفكاهة، لكنه يبقى فى سياق الاكتئاب والمعايرة، بلا قافية، لأننا فى عالم «الهبلة اللى مسكوها طبلة أو قافية».