انفردت مجلة "7 أيام"، بحوار شامل مع الفنانة اللبنانية الكبيرة ماجدة الرومى، أكدت خلاله امتنانها بالعودة مجددًا إلى مصر، بعد حفلها الأخير، معربة عن أملها فى أن تجتاز مصر التحديات والعقبات التى فرضت عليها على مدار السنوات الماضية.
وقالت ماجدة فى حوارها للزميلة "7 أيام"، الذى أجراه الكاتب الصحفى ياسر أيوب، رئيس تحرير المجلة، إن ثورات الربيع العربى "مؤامرة"، وأسلوب جديد للاحتلال، لا جيوش فيه ولا معدات عسكرية، وإنما يقوم أهل البلدان العربية بالتدمير والتخريب بالوكالة على حد وصفها.. وفيما يلى نص الحوار.
قبل الحوار لابد من التوقف أولاً أمام صاحبة الحوار.. فماجدة الرومى ليست مجرد فنانة أو مجرد امرأة.. ليست مجرد صوت جميل واستثنائى حمل أغانى وقصائد أسعدت الناس وأطربتهم وأرضتهم أيضًا وملأت وجدانهم أحيانًا بالبهجة والمتعة والشجن.. إنما هى نسيج إنسانى خاص جدًا وجميل ورقيق جدًا.. واستثنائى أيضًا.. ولست هنا أشكر ماجدة الرومى التى اختصت مجلة 7 أيام وحدها بمثل هذا الحوار أثناء زيارتها الحالية للقاهرة لإحياء حفل غنائى ضخم فى "أب تاون" فوق قمة جبل المقطم، وإنما أشكرها لأنها طوال وقت الحوار لم تكن فنانة تخيلت أن الحوار مجرد أسئلة وإجابات.. ولكن فاض هذا الحوار بمشاعر حقيقية ربما كانت أكبر مساحة وأعلى صوتًا وأكثر جمالاً وعذوبة من كل الكلمات.. وبعد وقت قليل جدًا تحررت ماجدة الرومى من بقية قيودها وقضبان صمتها وحساسيتها وخجلها وخوفها فباتت ماجدة الفنانة والإنسانة والمرأة تتحدث فى وقت واحد وبلسان واحد.. ومع شكرى العميق وامتنانى الدائم والصادق والرقيق لماجدة الرومى لهذا الحوار وهذا اللقاء الخاص جدًا.. أود أيضًا أن أتقدم باعتذارى إن كنت قد فتحت الباب دون قصد لدموع لمعت فى عينيها أو لنظرة ألم رأيتها فى العينين الجميلتين حين لامست جروحًا داخل امرأة مسكونة بالصمت والكبراء
علينا أن نسأل أنفسنا أولاً لماذا غاب الفن عن معظم قضايانا الحقيقية.. وكأنه غياب متعمد وليس مجرد مصادفة وكأننا تعرضنا لضربات أرادت اقتلاع جذورنا وحقيقة هويتنا.
كنت قد ذهبت إلى ماجدة الرومى أحمل معى العدد الأخير من مجلة 7 أيام وعلى الغلاف صورة لروجر ووترز قائد فريق "البينك فلويد" الذى يقف الآن وحده رافضًا أن يقيم فريق الرولينج ستونز حفلاً غنائيًا ضخمًا فى إسرائيل الشهر المقبل وسمحت لى ماجدة الرومى بأن أحكى لها الحكاية كاملة وكيف بدأت ولماذا قرر ووترز خوض هذه الحرب وماذا قال عن فلسطين وأطفال فلسطين.. كانت الفنانة الجميلة تصغى لى بكل شغف واهتمام واحترام أيضًا كما توقعت.. فقليلون جدًا الذين سيتفهمون معنى وقيمة ما يقوم به روجر ووترز ومعنى ودلالة أن يغنى الرولينج ستونز فى تل أبيب الآن وحيث انتهيت من حكايتى طلبت منها التعليق وما هى الرسالة التى يمكن أن توجهها ماجدة الرومى لهذا الفنان العالمى؟
الله يحييه لمثل هذه الوقفة العظيمة فلم نعد الآن نرى كثيرين يستطيعون الإفلات من شباك إسرائيل.. فهو أمر صعب جدًا حيث نتعامل مع عدو يدرك جيدًا ما يريده والأسلحة التى يستخدمها ضدنا وهو أولاً يجيد قيمة الإعلام ووظائفه وأدواره السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وأن يأتى فنان عالمى مثل روجر ووترز ويقرر الوقوف فى وجه الهمجية فنحن لا نملك إلا تحيته.. نقدم له التحية ونشكره بحب واحترام.
جئت إليك الآن من لقاء جمعنى بعدد من وزراء الإعلام العرب وأمين عام جامعة الدول العربية.. وقبل اللقاء كانت هناك مراسلات واتصالات انتهت إلى الرئيس الفلسطينى محمود عباس وإقناع سيادته بتوجيه الدعوة لروجر ووترز للمجيء إلى فلسطين والغناء للأطفال الفلسطينيين داخل مخيمات النسيان والمظالم والعذاب.. فهل يمكن لماجدة الرومى.. لو تم هذا الأمر أن تذهب مع روجر ووترز للتغنى للأطفال فى مخيمات فلسطين؟
سيكون هذا شرفًا لى.. أنا أحلم بذلك وسأسعى إليه.. أحلم بزيادة هذه الأرض المقدسة.. حتى على الرغم من احتلالها من هؤلاء الهمج.. فهذه أرضٍ وليست أرضهم.. هذا وطنى وليس وطنهم.. فى النهاية لن يصح إلا الصحيح.. محتلون كثيرون مرقوا بهذه الأرض فى النهاية تبقى لأصحابها.. مائة سنة أو مائتين أو ثلاثمائة أو أكثر.. الأرض فى النهاية لأصحابها.. ودائمًا يعود الحق لأصحابة مهما غاب عنهم.. تلك هى سنة الحياة وأهم قوانينها.. ونحن لنا حق فى هذه الأرض.. حق فى هذه البيوت.. حق فى هذا الزيتون.. حق فى كل وأى شىء.
لو افترضنا جدلاً أن هذا حدث بالفعل ووقفت مع روجر تغنين لأطفال المخيمات.. ماذا ستكون مشاعرك وقتها؟.. وما الفارق بين الغناء لأطفال المخيمات فى الضفة الغربية والغناء أمام الرئيس الأمريكى الأسبق ورج بوش الآب والغناء أمام باب الفاتيكان؟
أمام بوش غنيت لحقى فى وطن حر مستقل آمن.. وسيبقى وطنى كذلك سواء قبل بوش ذلك أو رفضه.. وأمام بابا روما غنيت روح السلام والخير بالناس.. وأمام هؤلاء الأطفال سأغنى فى صمتهم رحل الصغار وعروش هذه الأرض عار.. وهو جزء من قصيدة أعمل عليها الآن واستعد لغنائها قريبًا.. وفى حقيقة الأمر أنا فكرت فيها من أجل أطفال سوريا.. لكن يبقى الأطفال هم الأطفال.. والغذابات هى العذابات والجروح هى الجروح.. فى سوريا أو لبنان أو مصر أو فلسطين وأى بلد عربى آخر.. ولكن دعنى أقل لك أمرًا أحسست به الآن.. وهو خجلى الشديد أن أطل فى عيون أطفال المخيمات المنسيين.. وسأخاف من ذلك شاعرة بالأسى والمسئولية عما هم فيه وعن أى ألم أحسوا به.. وقد يكون عزائى الوحيد هو أن ظروفنا لم تكن أفضل ولم تكن تسمح لنا بمساندتهم.
فى عام 1976 وبالتحديد فى فيلم عودة الابن الضال.. غنت ماجدة الرومى واحدة من أغنياتها الجميلة والشهيرة "أدى اللى كان وأدى القدر وأدى المصير.. نودع الماضى وحلمة الكبير.. نودع الأفراح.. نودع الأشباح راح اللى راح ما عادش فاضل كتير.. إيه العمل فى الوقت ده يا صديق غير إننا عند افتراق الطريق.. نبص قدامنا على شمس أحلامنا.. نلقاها بتشق السحاب الغميق" وكانت ماجدة الرومى تردد معى كلمات الأغنية التى كتبها الرقيق صلاح جاهين وقام الراحل كمال الطويل بتلحينها.. وقلت لماجدة الرومى لاحقًا أننى سأبقى سعيدًا بأننا رددنا معًا فى وقت ما كلمات هذه الأغنية التى أحبها وسألتها هل هذه الكلمات الآن تصلح لسان حال كثير من الشعوب العربية عقب ثورات واضطرابات وتحولات حادة ومؤلمة وقاسية؟
أنا دائمًا أغنى هذه الأغنية لنفسى ومع نفسى.. ولا أخفى أننى أحتاج إليها كثيرًا.. ولكن قبل أن نسأل هل يحتج العرب الآن إلى ترديد هذه الأغنية.. علينا أن نسأل أنفسنا أولاً لماذا غاب الفن عن معظم قضايانا الحقيقية وكأنه غياب متعمد وليس مجرد مصادفة.. وكأننا تعرضنا لضربات أرادت اقتلاع جذورنا وحقيقة هويتنا وبعد أجيال الفنانين الكبار الذين تعلمنا منهم كلنا.. بدأنا نعيش مراحل التسخيف والتسطيح الفنى.. سقط الفن المهموم بالقضايا والأحلام والمسئولية وغابت الأعمال الكبيرة ولم يبق حاضرًا إلا فن الأجساد والابتذال والتسلية وكل هذه الأشياء.. وكأن هذا كان قصد من خطط لذلك.. ألا يبقى هناك فن عربى يجمع العرب.. ولا يبقى فنان باستطاعته شحن المشاعر العربية وتوحيدها.. وإذا كنا نحمد الله على أنه لا يزال هناك فنانون قليلون يواصلون السباحة ضد التيار السائد ولا تزال لهم أحلامهم وقضاياهم ويرفعون قدر استطاعتهم رايات الحق والخير والعدل والجمال، لكن النسبة الكبرى من الفنانين إما غائبون أو مغيبون وأنا لا أزال مؤمنة بأن الشعوب العربية باتت الآن فى حاجة ملحة إلى أصوات تجمعها كلما فرقتها السياسة.
هل تقصدين أننا نحتاج إلى أكثر من ماجدة الرومى أم أن ماجدة واحدة تكفى؟
نحتاج إلى كثيرين جدًا ينقذوننا مما نحن فيه.. أنا شخصيًا أبذل كل جهدى وأقدم قدر استطاعتى ما يجعل العرب مجتمعين ومنتبهين ومدركين.. وتخيل لو أن البلدان العربية تملك الآن فنانين حقيقين كل منهم ملتزم بقضايا بلده وعروبته.. وكل فنان منهم يدعم الفنان الآخر ويتضامن معه ويسانده.. كان وقتها سيصبح الفن العربى سلاحًا حقيقيًا ومؤثرًا فى يد العرب.. لكننى أتصور أن إسرائيل أرادت ونجحت فى نزع هذا السلاح بالتحديد من يد العرب لأنها كانت منذ البداية تعرف قيمته وخطورته.
فى الثالث عشر من إبريل 1975 كانت بداية الحرب الأهلية اللبنانية.. بدأت بأولى مجازرها فى عين الرمانة القريبة من كفر شيما حيث ولدت ماجدة الرومى وعاشت سنواتها الأولى وفى ذلك الوقت أيضًا قدمت ماجدة الرومى أولى أغنياتها.. يا حلم يا لبنان فهل كان ذلك دلالة على أنك لن تكونى مطربة وإنما جئت بصوتك فقط لتغنى للسلام فى زمن الحرب.. وتنادى بصوتك على وطن يريد أن يسرقه الأعداء.. هل كان هذا هو قدرك الذى لم ولن تهربى منه أبدًا؟
ضحكت ماجدة الرومى بحزن وهى تقول.. كأننى أنا والغناء والحرب كنا على موعد والتقينا نحن الثلاثة فى وقت واحد ومكان واحد.. وكان هذه هو قدرى الذى عشته وقبلت به منذ أغنيتى الأولى أدركت أننى وصوتى مطالبان بالوقوف والصراخ دفاعًا عن لبنان الكرامة.. عن حرية واستقلال ومستقبل وطن.. وجدت نفسى وسط أحرب سنة بعد أخرى وشاهدت صورًا وحكايات.. أتمنى.. أتمنى.. أتمنى.. ألا تعيشها وترى مثلها بقية الشعوب العربية.. كررت ماجدة الرومى كلمة أتمنى ودموع تلمع فى عينيها.. ولهذا كانت كل الأغانى التى قدمتها هى اختصار لكل ما عايشته فى زمان الصعب الحرب والحب والألم والدم والموت والفراق والحزب والأمل.
ما الذى لا يزال يسكن ويعيش داخل وجدان ماجدة الرومى مما شاهدته وعايشته طيلة سنين الحرب فى لبنان ولا يمكنها نسيانة؟
الغضب.. غضب لا يمكن نسيانة أو حتى التسامح معه.. غضب من هذه الحرب التى أخذت منا بشرًا كنا نحبهم.. أخذت بيوتًا وأحلامًا وحياة.. أخذت أمانًا وحبًا وحاولت أن تأخذ منا كل شىء لكننا صمدنا وقاومنا وانتصرنا لكن بعد أن دفعنا ثمناً لا يمكن لأى أحد أن يتصوره إلا الذى كان وسط هذه الحر ويعيش أحزانها ومواجعها يوماً وراء يوم.
هل كان هذا الغض المقيم داخلك الباقى معك من حرب مؤلمة عشت كل أيامها وفصوله هو دافعك للمسارعة بإعلان غضبك واحتجاجك وحزنك وضيقك ورفضك لهؤلاء المجرمين الذين ألقوا بألأطفال الصغار من فوق سطح أحد بيوت الإسكندرية؟
هذه الصورة منذ رأيتها لأول مرة وهى لا تنمحى أبداً من ذاكرتى.. أبداً.. تماماً مثل صور كثيرة شاهدتها وبقيت داخلى منذ حرب لبنان.. وأيضًا مثل صور كثيرة لأطفال راحوا ضحايا لما يجرى الآن فى سوريا ويموتون هذا الموت المجانى البشع بهذه العبثية البشعة.. أما صورة أطفال الإسكندرية فقد هزت مشاعرى وأحزنتنى.. ولم أكن وحدى.. وإنما فى الأحياء الشعبية بلبنان كان الجميع يتحدثون عن هذا المشهد ويتبادلون الغضب بسبب هذه الصورة واحتقار من قاموا بذلك.. وربما لا يدرك المصريون حتى الآن كم كانت صلوات اللبنانيين ودعاؤهم بألا يذوق المصريون من هذه الكأس المرة.. مصر الغالية علينا جميعًا والتى لا تستحق هذا ولا يمكن أن يقبل أى أحد لها بأن تعيش مرارة ذلك.
هل هذا هو أحد دوافعك لأغنيتك الجديدة عن مصر؟
دوافعى كثيرة للغناء فى مصر وعن مصر ولكل المصريين.. أهمها الثقة والتفاؤل بمستقبل مصر الجميل والأمن.. وليس يعنينى ما سيحدث على المدى الحالى أو القريب لكننى متفائلة لمصر على المدى البعيد وواثقة أن مصر ستبقى وستصبح أقوى وأجمل وأكثر أمانًا.. واقف مع كل الناس الذين ينظرون بإيجابية وتفاؤل لمستقبل مصر.. فالتاريخ علمنى أن أتفاءل.. وواثقة بأن مصر قادرة على تخطى أى محنة.. وقد يكون الثمن غالياً ومؤلمًا لكن مصر ستتخطى كل ذلك.. وماذا يعنى سنة أو حتى مائة سنة من حياة وطن.. نحن فقط المحدودن بأزماننا وأعمارنا أما الأوطان فهى باقية ودائمة وكانت أيضاً قبلنا.. أحياناً أقول لحالى إننى من جيل سرقت الحرب اللبنانية منهم أعمارهم وأجمل سنين حياتهم.. ولكن لبنان سيبقى وسيعيش وكذلك مصر ستبقى.. لا أحد باستطاعته أن يضع مصر فى جيبه ويأخذها من أهلها ويرحل بها بعيداً.. مصر ستبقى لأولادها ومستقبلها وعشاقها.. مصر ستبقى بعزتها وكبريائها وجمالها.
لماذا غبت كثيراً عن مصر وأهلها؟
لم يحدث أبداً أن غبت عن مصر بقرارى أو إدارتى.. يعلم الله أننى من عشاق هذا البلد.. من عشاق هذا البلد من الناس الذين يعتبرون أنفسهم مهمومين طوال الوقت بمصر والمشغولين بها.. لن أقول مثل أبنائها حتى لا يتهمنى أحد بالمزايدة والمبالغة رغم أن هذه هى الحقيقة.. لكن من المؤكد أننى أحب مصر مثل أوفى الناس وأكثرهم عشقاً لمصر.
دعينى أسألك باعتبارك أجمل من غنى قصائد الشاعر الكبير الراحل نزار قبانى.. فنزار قال يوما.. آه لو يدرك من يقرأنى أن ما أكتبه فى الحب مكتوب لتحرير الوطن.. وأنا الآن لا أسألك عن الوطن.. ولكننى أفتش عن الحب تحت جلد ماجدة الرومى وفى وجدانها وقلبها؟
نظرت إلى ماجدة الرومى طويلاً وكأنها تقرر بماذا ستجيب ثم تكلمت قائلة أنها كإنسانة وامرأة فشلت فى الحب ولم تعشه مثل الآخريات.. فشلاً ذريعاً.
قاطعتها شارحاً أننى لا أقصد الارتباط والزواج وإنما الحب؟
وعادت ماجدة من جديد تقول.. فشلت فشلاً ذريعاً على كل المستويات وهذه الجملة تختصر وتشرح لك كل شىء.. أنا عشت الحب فقط بمعناه الشامل.. حب الجمال والخير والحق والموسيقى والفن والعائلة.. وهناك فارق كبير جدًا بين الحب والغرام.. والله أعطانى نعمة الحب ولكن ليس الغرام.. ولم أعد أريد الغرام ولا أفتش عنه ولا أفكر فيه أيضاً
متى وقفت ماجدة الرومى أمام مرأتها واكتشفت أنها نسيت أنوثتها أو نسيت أنها امرأة؟ضحكت ماجدة الرومى فى كبرياء.. ثم قالت أنها قضت عشر سنوات حتى الآن على خط روحى أكثر من خطوط الجسد واحتياجاته.. عشر سنوات كانت أقرب إلى النفحة الصوفية والزهد والاقتراب من الله.. فلم أعد أشعر بأن حياتى هى جسدى.. وإنما هى روحى التى لا آفاق لها أو حدود أمامها.. فهذا الجسد هو فقط وسيلتى لأرتفع بروحى.
ماذا تقولين الآن للموسيقار حليم الورمى؟
أقول كل شكر وحب واعتزاز وامتنان للرجل الذى أعطانى الحياة والصوت وكان السند.
لماذا لم يكن لك أى مشوار مع السينما رغم أن بدايتك كانت مع الراحل العظيم يوسف شاهين فى فليم عودة الابن الضال؟
كما قلت لك سرقت منا الحرب الأهلية اللبنانية أعمارنا وحياتنا.. ففى سنوات الحرب كان منتهى أمل كل واحد منا هو أن يظل على قيد الحياة وليس أن يشارك فى بطولة أى فيلم.. والدى كان مريضًا.. وكان من الصعب جداً أن ينتقل معى إلى مصر لكى أعمل بالسينما.. ففى قواعد وقوانين عائلتى لم يكن مسموحاً فى فى أى وقت بالسفر بمفردى.. وقد كنت فى السادسة عشرة من عمرى وأنا أعمل بفيلم عودة الابن الضال.. ولم يكن مسموحاً لى وقتها أو بعدها بالسفر وحدى.. حتى اليوم لا أزال ممنوعة من السفر بمفردى.. وقد جئت الآن إلى مصر من أجل إحياء تلك الحفلة ومعى شقيقى وكثيرون من أفراد عائلتى.. وهذه هى خسارتى الحقيقية.. الحرب فى بلدى لم تسمح لى بالعمل أو تحقيق كل ما كنت أحلم به.. خسارة لم يعد ممكناً تعويضها.. قد أكون مسئولة بنسبة قليلة عن أحلام لى لم أحققها.. لكن المسئولية الأكبر كانت الحرب وظروف لم يكن لى أى دخل بها.
هل هذا هو الجرح الحقيقى داخل ماجدة الرومى؟
نعم.. فأنت مهما حاولت واجتهدت لن يمكن تعويض أى يوم ضاع من عمرك.. وسكتت ماجدة قليلاً وعادت نفس الدموع الرقيقة من جديد تلمع فى عينيها الجميلتين الرائعتين.. وأثناء هذا السكوت كنت أحاول تخيل ما قد تكون ماجدة تفكر فيه دون أن تتحدث عنه وكيف كان سيبدو شكل حياتها لولا الحرب والسنون التى ضاعت والأحلام التى ماتت.. وعادت ماجدة الرومى تتكلم من جديد وتقول إنها رغم كل ذلك سعيدة.. فهى خسرت أحلاماً لم تحققها.. لكن هناك غيرها من خسر بينه أو أولاده أو صحته وممتلكاته ووظيفته وهناك من خسر حياته نفسها.. وفجأة انتفضت ماجدة الرومى وأحسست برعشة قلبها ويديها وصوتها وهى تقول بصوت عال. فجأة اتطربقت علينا واتسكرت الأبواب من كل المطارح.. لقينا حالنا بنعمل أغانى وطنية ومن الموجود عم بنجود.
ولكننى أصارحك الآن أننى حين أسمعك تغنين.. يا ست الدنيا يا بيروت.. لا أشعر بك تغنين وإنما أنت ترقصين مع بيروت رقصة حب وحنين ونشوى وشجن وفرحة ومتعة وغرام.. وكثيراً ما تمنيت أن أرقص معك عشقاً لبيروت واحتراماً لحبك لبيروت.. هل هذا صحيح؟
سأقول لك شيئًا ليس من حقى أن أنظر لعلاقتى بوطنى أو أنظر أصلاً لوطنى بأى حزن أو تشاؤم.. هؤلاء الذين تآمروا علينا وعلى بلدائنا قد ينجحون على المدى القريب.. لكننى لست خائفة منهم على المدى البعيد لآن الأوطان هى التى ستنتصر.. الأوطان لأصحابها وليست لهؤلاء الذين يزعمون تعليمنا الديمقراطية أو الحياة وهم فى الحقيقة يريدون أن يسرقوا منا الحياة.. طالمًا فينا نفس واحد.. نفس واحد.. نفس واحد.. طالما فينا الأمل بدنا نحكى فيه وندافع عنه.
إذن أنت تعتقدين أن ثورات الربيع العربى كانت مجرد مؤامرة؟
نعم مؤامرة بثلاثمائة مليون بالمائة.. طبعًا هناك ناس منا تواطأوا ضدنا وتآمروا علينا.. وهناك خائنون.. ولكننا تعرضنا لأكبر مؤامرة فى تاريخ أوطاننا العربية.. أسلوب جديد للاحتلال لا نرى فيه جيوشاً وأسلحة حرب جديدة لن يضطر فيها أعداؤنا للتضحية بأى واحد منهم أو حتى بظفر جندى واحد منهم.. إنما نقوم نحن الآن بكل المهام نيابة عنهم.. نحن نقتل ونحرق ونحطم بالنيابة عنهم.. نموت بالمجان دون أن يضطر أعداؤنا لقتلنا.. وأنا لا أفهم الدين الذى يريد البعض منا أن يحيلوه إلى سلاح يقتلون به الأطفال الأبرياء.. يريدون أن نقتنع الآن بأنه لكى تقترب من الله أكثر فلابد أن تذبح وتقتل وتجرح هل هم يريدون أن نتخيل الدين الآن ساحات الدم إن المسلمين لا يقرأون أى سورة فى القرآن الكريم إلا ويقولون قبلها بسم الله الحمن الرحيم.. فأين الرحمة مما يقومون به الآن.. أين الرحمة وأين عباد الله أرحم الراحمين.
من تحب أن تسمعه ماجدة الرومى يغنى؟
أصغى لكل الأصوات العربية الجميلة والكبيرة.. ولكن هناك صوت اعتبره استثناء فى حياتى هو صوت امرأة أسمعها دون أن أفهم حرفاً واحداً مما تقوله.. من البرتغال وأسمها إميليا رودريجز وأنا أحب صوتها.
سؤالى الأخير والذى أريد فيه أن أعرف كل شىء يخص أغنيتك الجديدة عن مصر.. وأسمحى لى قبل أن أصغى لإجابتك بأن أؤكد لك أن مصر كلها تحبك وتعتز بك.
أنا أحب مصر ولست غريبة عن مصر.. أنتمى إليها وأفخر بذلك.. فى مصر بيت جدى وأهل وأصحاب وذكريات وخبز وملح وعشرة. . أجد فيها الحضن الحنون الذى أثناء حرب بلادى أتسع لكل اللبنانيين.. وفيها الفرحة التى أشعر بها كلما جئت إليها.. مصر دائمًا أراها عروسًا فى ليلة عرسها.. هكذا كانت وهكذا ستبقى، وهذا هو قدرها ومصيرها دائمًا.. وإنما دائماً أقول إن الذى يريد أن يسعى أن يحاول نقل ماء النيل بالزجاجة التى فى يده فهذا أهون من تغيير مصر أو إيذائها.. أما أغنيتى الجديدة فهى ليست أغنية وإنما تحية لمصر.. كتبها نزار فرانسيس ولحنها مروان خورى. . وتقول.
يا مساء الفل يا بهية
يا أم طرحة وجلابية
يا وردة ندية يا صرحة أبية
يا مصر الحرة العربية
كتبت بحبك ع ترابك
ع شمسك ع ورد أبوابك
ع ضحكة أهلك وصحابك
موضوعات متعلقة..
بالصور.. ماجدة الرومى تتألق بأجمل أغانيها على مسرح uptown Cairo.. والمشاهير والفنانون يتوافد على الحفل.. والنجمة تُهدى أغنية "بهية" فى حب مصر.. وتؤكد: الشعب المصرى عظيم منذ فجر التاريخ
بالصور.. ماجدة الرومى تتألق بأجمل أغانيها على مسرح uptown Cairo
ماجدة الرومى تؤكد: الشعب المصرى عظيم منذ فجر التاريخ
ماجدة الرومى لمجلة "7 أيام": الآن أغنى فى مصر وغدًا أتمنى الغناء مع روجر ووترز فى فلسطين.. ثورات الربيع العربى "مؤامرة" وأسلوب جديد لاحتلال بلادنا.. ولولا الحرب الأهلية لأكملت مشوار التمثيل
الثلاثاء، 20 مايو 2014 05:46 م
الفنانة الكبيرة ماجدة الرومى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة