ذهب المعزول محمد مرسى إلى موسكو فى إبريل 2013 لإبرام صفقة شيطانية وعرض على الرئيس بوتين أن يستضيف فى سيناء مجموعات من مقاتلى الشيشان لتخفيف الضغط عن الجمهوريات السوفيتية، مؤكدا أنه فعل ذلك مع الأمريكان واستضاف مقاتليهم فى أفغانستان والعراق، فوقف بوتين معلنا انتهاء اللقاء الذى لم يستمر أكثر من نصف ساعة وترك مرسى دون أن يصافحه فهو رجل مخابرات قديم ويعرف جيدا أن المعزول لا يفعل ذلك من أجل عيون روسيا وأمنها وإنما للحصول على مقابل مزدوج يتمثل فى مباركة مخطط الخلافة الإخوانية وتأسيس ميليشياته الخاصة التى تكون بديلا عن أجهزة الأمن المصرية، وفوق ذلك كيف يطمئن لعدو الأمس الذى حشد ضده شراذم المقاتلين أثناء حرب السوفيت فى أفغانستان؟
قدم المعزول أسوأ نموذج لرئيس دولة يبيع بلده عينى عينك وحفيت قدماه للقاء بوتين، وقبل الإهانات التى صاحبت الزيارة، لم يستقبله بوتين فى المطار وأرسل له أحد موظفى الخارجية ولم يُسمح للطائرة المصرية بالهبوط فى مطار موسكو، وإنما فى مطار صغير فى «سوتشى» وتم إبلاغ السفير المصرى أنها زيارة غير رسمية وسيتم استقباله كدبلوماسى دون حرس شرف أو مراسم ولم يسمح بالهبوط من الطائرة إلا لعدد محدود من أعضاء الوفد وتم تفتيشها بحثا عن الأسلحة بمعرفة قوات مكافحة الإرهاب الروسية، ورغم كل تلك الإهانات قبل مرسى الزيارة، ليس من أجل فتح أجواء العلاقات مع روسيا، أو تحقيق توازن فى العلاقات مع الولايات المتحدة، ولا من أجل البحث عن مشروعات استثمارية جديدة، أو استيراد القمح، ولكن من أجل جلب مقاتلى الشيشان إلى سيناء، جنبا إلى جنب الإرهابيين الذين جاء بهم من الجبهات الساخنة.
لم تنزح آثار هذا اللقاء الكارثى، إلا بعد الزيارة التى قام بها وزير الدفاع المشير السيسى لموسكو فى فبراير الماضى، وشتان بين من ذهب من أجل أهله وعشيرته، وبين من يحمل رسائل مصر إلى العالم، بصورة مشرفة تحفظ كرامة الوطن وكبرياءه، وتعيد إلى المشهد صورة مصر فى سنوات ازدهار العلاقات المصرية السوفيتية، وطرح السيسى رؤيته المنصفة فى طلبات محددة، هى دعم مصر سياسيا فى حربها ضد الإرهاب وفتح آفاق جديدة للاستثمارات الروسية فى مصر، أما الأهداف غير المعلنة للزيارة فأهمها عدم الاعتماد على علاقات أحادية وتخفيف الضغوط الأمريكية على مصر واتباع سياسة متوازنة على المستوى الدولى، وتنويع مصادر السلاح كبديل إذا امتنعت واشنطن عن تسليح الجيش المصرى. لهذه الأسباب أستبشر خيرا حال فوز المشير السيسى، أن يستعيد مكانة مصر عربيا وإقليميا ودوليا، فهو رجل دولة من الطراز الأول ويحفظ عن ظهر قلب مقومات الأمن القومى المصرى، لن يغامر ولن يقامر ولن يعرض البلاد لمواجهات غير محسوبة، لا يبحث عن زعامة زائفة تدفع البلاد ثمنها ولا «بالروح والدم نفديك يا زعيم»، والسنوات الصعبة القادمة تحتاج رئيسا بهذه المواصفات يستنهض روح الوطن ويستدعى مقومات قوته، فلا وقت يمكن إهداره فى تجارب فاشلة، مع كل الاحترام والتقدير للمرشح المنافس، الذى لم يقدم أوراق اعتماده، ويحصر معركته الانتخابية فى الهجوم عى الطرف الآخر والخطب الإنشائية، التى جلبت على البلاد هزائم وانتكاسات، وقلب مصر موجوع ولا يحتمل المزيد.