ناجح إبراهيم

شهادة د.محمود جامع على علاقة السادات بمبارك

الخميس، 22 مايو 2014 06:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
علق البعض على شهادة د.جامع بأنها أغفلت أحداثا كثيرة متعلقة بالأحداث التى رواها.. وهذا ليس عيباً فى شهادته ولا شهادة كل من يحكى ما رآه وسمعه وعرفه.. فلا يمكن لشخص أن يحيط علمه كل الأحداث التى تحدث من حوله أو يكون شاهداً عليها أو شريكا فيها.. ويخطأ من يتصور شمول شهادة د. محمود جامع على كل عصره.. ولكنه شاهد على ما رآه وسمعه وعاشه واحتك به فقط.
أما ما لم يحضره أو يدركه أو يراه فهو فى الحقيقة ليس معنياً به.. ولا يقدح فى شهادته على عصره أن هناك وقائع أخرى مكملة لم يروِها أو يقصها.. وذلك لأنه لم يعشِها.
وهذا الأمر لا يخص د. محمود جامع فحسب.. ولكنه عام على كل من يشهد على عصره.. وبتجميع كل هذه الشهادات ومقارنة بعضها ببعض يمكن قراءة التاريخ قراءة صحيحة نابعة من الذين عاشوها وعاصروها ومن كل الاتجاهات والتوجهات.. وذلك حرصاً على عدم تزييف التاريخ نتيجة هوى أيديلوجى أو غواية سياسية أو رشوة أدبية.
واليوم نجدد اللقاء مع شهادة د. محمود جامع على الرئيس الأسبق حسنى مبارك.. وقد سألت د. محمود جامع عن كيفية اختيار حسنى مبارك نائباً للرئيس السادات؟
فقال: كان الفريق حسنى مبارك قائداً للطيران واستدعاه السادات ليحلف اليمين كنائب للرئيس دون أن يخبره بذلك.. وحينما علم أنه سيحلف كنائب للرئيس فوجئ بذلك تماماً.. فقد كانت أقصى طموحاته أن يعين سفيرا لمصر فى لندن كما جرت الأمور مع أمثاله.
سألت د. جامع ما هى أبرز المهام التى تولاها بعد أن أصبح نائباً للرئيس؟
قال: السادات لم يكن له صبر على قراءة التقارير.. وكان يخشى من الإرهاق الشديد على قلبه المريض فيحدث له مثلما حدث مع عبد الناصر الذى توفى وهو فى أوائل الخمسينيات من عمره.. فأعطى كل التقارير والأعمال الإدارية والبوسطة لحسنى مبارك المعروف بالنشاط والحيوية كى يتصرف بشأنها.
ومن هنا بدأ نفوذ مبارك يقوى بشكل متسارع وذلك لأن كل أعمال الرئيس الإدارية وبوسطته تقريباً أصبحت فى يده.
قلت له: كيف أصبح مبارك نافذاً وقويا فى الحكم بهذه السرعة؟
قال: المشير أحمد بدوى رحمه الله أجرى تغييرات واسعة فى القوات المسلحة فى نهاية هذا العام وأحال بعض الضباط الكبار إلى التقاعد.. وأرسل هذه التغييرات إلى الرئيس السادات باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة كى يوقعها.. فأعطاها لمبارك قائلا له: افحصها.. أنا لا أريد دوشة دماغ.
فكان مبارك من دهائه يستدعى الضابط الكبير الذى يقترح المشير بدوى خروجه للمعاش فيقول له بتودد:
هل أنت أغضبت الرئيس السادات فى شىء.. أو أغضبت قياداتك فى شىء حتى يطلبوا إحالتك للتقاعد.. فيقول: لا.. فيقول له: سأجعلك قائدا لمنطقة كذا العسكرية.. وأخذ يتقرب بقوة من الجيش وقادته الذين أحبوه جدا.
قلت له: فما الذى دفع السادات لسحب البوسطة من مبارك بعد ذلك.. هل شعر بشىء أم ماذا؟
قال: لا.. لم يشعر بشىء.. ولكن السيدة جيهان السادات ظلت تلح على السادات ألا يثق فى مبارك وأن يعزله من منصبه أو يهمش دوره على الأقل.. ودفع فى هذا الاتجاه أيضا أشرف مروان رحمه الله.. ورضخ السادات أخيراً لهذه الضغوط وأصدر قراراً شهيراً جداً كان يحمل الرقم 119 ويقضى بتعيين منصور حسن رحمه الله وزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية على أن يضطلع بمعظم الأمور الإدارية التى أوكلت من قبل لمبارك نائب الرئيس.. وأهمها النظر فى بوسطة رئيس الجمهورية وكل أموره الإدارية وعرضها على السادات.
فقلت له: وماذا كان رد مبارك على هذا القرار؟
قال: ذهب مبارك إلى بيته غاضبا وحانقاً.. وكتب استقالته وقدمها للسادات الذى لم يبت فيها.
قلت له: وماذا حدث بعد ذلك؟
قال: حدث تطور خطير جداً كان له أكبر الأثر على مستقبل مصر فى الثلاثين عاما التى تلت ذلك الحدث.. فقد ذهب الفريق الماحى للسادات وكان وقتها قائداً للحرس الجمهورى وكانت بينه وبين السادات مصاهرة وقال له: أنت فعلت كذا وكذا مع مبارك.. والقوات المسلحة غاضبة.. وأنصحك ألا تترك الحبل على الغارب.. وعليك أن تسترضى الجيش بأية طريقة.
وفعلا استجاب السادات لنصيحته وبدأ جولته فى الجيش من المنطقة الشمالية العسكرية فى الإسكندرية.. واجتمع بالقادة والضباط.. وجمعيهم سألوا السادات سؤالا مباشرا من أول الاجتماع: أين نائب الرئيس؟
قلت له: وماذا فعل السادات إزاء هذه الصدمة غير المتوقعة؟
قال: انزعج السادات جدا لفتور لقائه مع هؤلاء القادة من جهة.. ولسؤالهم المتكرر عن سر غياب النائب وعدم حضوره معه من جهة أخرى.. فرجع من الإسكندرية مباشرة إلى بيت مبارك وحاول استرضاءه قائلاً: لماذا تقدم استقالتك فقال مبارك: قدمى مجزوعة «sprain» ففهم السادات الأمر وقال له: قابلنى فى القصر.. فلما ذهب للسادات قال له: ما سبب غضبك واعتزالك قال مبارك: القرار 119
قال: سألغى القرار وسأقيل منصور حسن.. ووقع القرار وأخذه مبارك بيده.
وفى طرقات القصر قابل منصور حسن فرفع القرار أمامه ليغيظه قائلاً: وقع القرار.. ولا تلعب بالنار حتى لا تحرقك.
وبعدها دخل منصور حسن على السادات قائلاً: هل أجريت تعديلا وزارياً فقال له: نعم.. وأقلتك من الوزارة.
وبهذا عاد حسنى مبارك إلى منصبه أقوى مما كان وأكثر فاعلية.. وهذا الأمر أغاظ جيهان السادات وأشرف مروان بشدة.. ولم يحبط محاولتهما الدؤوبة لعزل مبارك.
قلت للدكتور جامع: هل حقاً كان السادات ينوى عزل مبارك قبل اغتياله.. ولكن الموت عاجله؟
قال: نعم.. فقد علمت أنه اتخذ قرارا بإقالة مبارك وتعيين الفريق كمال حسن على بدلا منه.
قلت له: وماذا عن علاقتك المباشرة مع مبارك حينما كان نائباً للرئيس؟
لقد اقتربت بقوة من حسنى مبارك حينما كان نائبا للرئيس أثناء انتخابات نقابة المحامين.
قلت له: هذه قصة طويلة لن يتحملها مقال اليوم وسنحكى علاقتك المباشرة مع مبارك حينما كان نائباً للرئيس وبعد أن أصبح رئيساً فى مقال قادم بإذن الله.
وختاماً جزيل الشكر للقراء الذين تابعوا هذه السلسة التاريخية وأسدوا إلىّ النصائح عبر تعليقاتهم الطيبة.. والشكر الجزيل أيضاً للدكتور/ محمود جامع الذى أرهقناه كثيراً.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة