تنظر محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار حسونة توفيق، اليوم السبت، الدعوى التى تطالب بإلزام رئيس مجلس الوزراء بمنع استيراد خام الفحم لصالح شركات الأسمنت، وكانت أحيلت الدعوى للقضاء الإدارى بعدما قضت محكمة الأمور المستعجلة بعدم اختصاصها بالنظر.
وتدفعنا الدعوى لتشغيل آلة الزمن لتعود بنا إلى الخلف قليلاً تحديداً، إلى 2 أبريل من العام الجارى حينما صدر قرار مفاجأة من مجلس الوزراء المصرى باستخدام الفحم ضمن منظومة الطاقة فى مصر، وذلك فى بيان جاء بنصه ما يفيد موافقته على استخدام الفحم ضمن منظومة الطاقة فى مع الالتزام بوضع الضوابط والمعايير البيئية والحصول على موافقة دراسات تقييم الأثر البيئى فى كل مراحل استيراد وتداول وتخزين واستخدام الفحم واتباع أحدث التكنولوجيات التى من شأنها تقليل الانبعاثات إلى أقل درجة ممكنة.
وفى الوقت التى أعلنت فيه الحكومة المصرية إدخال الفحم ضمن منظومة الطاقة،كانت الدول الأوروبية قد قدمت خلال اجتماعها الوزارى لوزراء البيئة لدول الاتحاد من أجل المتوسط، الذى عقد بالعاصمة اليونانية أثينا، عرض إنجازاتها فى خفض اﻻنبعاثات وغاز اﻻحتباس الحرارى بنسبة 18% والتخطيط لتعدى النسبة المأمولة قبل نهاية العام، وذلك من خلال التخلى عن الوقود الأحفورى واﻻتجاه إلى الطاقات المتجددة، وأكد المشاركون فى الفعاليات أنهم تمكنوا من إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بنفس تكلفة استخراجها من الوقود الأحفورى.
وبطبيعة الحال لم يخرج القرار الوزارى المصرى من دائرة الجدل ما بين مؤيد للقرار ومعارض بل وتعدى حدود الدولة لخارجها.
وعلق رئيس الوزراء المصرى على قراره الخاص باستخدام الفحم ضمن منظومة الطاقة فى مصر قائلاً: إن قرار استخدام الفحم كمصدر للطاقة جاء فى وقته، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن نتخيل أزمة الكهرباء الحالية كيف سنواجهها بدون استخدام الفحم. مضيفاً: "لا أخشى إلا الله ولا يوجد أمام الحكومة إلا الله والوطن، كفاية بقا واللى مش هيقدر يدير مال الشعب هيمشى".
وكان فى طليعة المرحبين بالقرار الوزارى مدحت إسطفانوس رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات، بقرار الحكومة المصرية قائلاً: إن المصانع ستبدأ فى اتخاذ كل الخطوات والإجراءات لبدء إدخال وتركيب معدات استخدام واستيراد الفحم دون اشتراط الحصول على موافقة من وزارة البيئة، وذلك عقب صدور قرار من المجموعة الاقتصادية فى اجتماعها ببدء الاستخدام والاستيراد الفورى للفحم فى المصانع.
وأضاف منير فخرى عبد النور وزير التجارة والصناعة المصرى خلال لقائه ببرنامج "آخر النهار" المذاع على فضائية "النهار" مع الإعلامى محمود سعد، أن البعض يقول إن الفحم ملوث للبيئة، لا سيما أن البطالة هى الأكثر تلويثا، مشيراً إلى أن العالم كله يرجع إلى استخدام الفحم وليس الخروج منه وأن المصدر الرئيسى للطاقة فى اليابان هو الفحم.
وعلق خالد على المرشح السابق لرئاسة الجمهورية على قرار الحكومة المصرية قائلاً: إن أصحاب المصانع ضغطوا على الحكومة لاستخدام الفحم فى إنتاج الطاقة، وهم 15 مصنعاً قريبة من الكتلة السكانية، وتصل أرباحهم إلى 80%، ودفعونا لاستيراده.
وأكد المرشح السابق لرئاسة الجمهورية أن كل مصانع الأسمنت لا تلتزم بقانون البيئة، مشدداً على أن وزيرة البيئة طالبت بـ5 مليارات جنيه بدل كربون لعلاج الأمراض التى يعانى منها المصريون، فكل مصانع الأسمنت تحقق أرباحاً على حساب صحة المصريين.
وناشد مؤتمر الدراسات الإفريقية المنعقد بالقاهرة، المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء المصرى بإعادة النظر فى استخدام الفحم كوقود للصناعة، ودراسة تقييم الآثار البيئية لاستخدامه،حيث تشير الإحصاءات كما أثبتت العديد من الدراسات أن أعلى معدلات انبعاثات الغازات الدفينة وأعلى معدلات نصيب الفرد منها، ومن الملوثات عامة، توجد فى الدول التى تستخدم الفحم كوقود فى الصناعة وغيرها.
أما عن الإطار الخارجى للدولة فقد علقت صحيفة "لموند" الفرنسية فى تقرير أعدتها حول قرار الحكومة المصرية بإدخال الفحم ضمن منظومة الطاقة فى مصر قائلة: "الكهرباء فى مصر أصبحت مشكلة كبيرة تواجه الشعب بسبب انقطاعها المستمر من البلاد، بسبب ضعف محطات توليد الكهرباء والغاز الطبيعى، ما أعطى الحكومة الحق لإتاحة استعمال الفحم فى البلاد على الرغم من ضرره البالغ على الإنسان والكائنات الحية الأخرى".
وأضافت الصحيفة فى تقريرها "خطر الفحم ينال من الجانب الاقتصادى، وسيؤدى إلى إفساد الأراضى الزراعية، فضلاً عن التخوفات الكبيرة بشأن السياحة، التى غالبًا ما ستنعدم بسبب ذلك الفحم، الذى سيزيد من تلوث مصر إلى جانب عوادم السيارات والقمامة وغيرها من الملوثات التى تزيد من أزمات مصر إلى جانب الاضطرابات السياسية".
وتابعت: "كبرى الشركات السياحية تدرس قرارًا بمنع تنظيم أى رحلات سياحية لمصر فى حال استمرار استخدام الفحم، الذى سيعتم على أجواء مصر وعلى سياحتها، وبالفعل الفحم سيجعل من مصر بلدًا غير نقى".
وبغض النظر عن الجدل الدائر بين المؤيدين والمعارضين للقرار والذى بنى كل منهم فكرته على حسب زاوية رؤيته تطل علينا مناجم الفحم بكوارث مفجعة وبالتحديد كارثة منجم سوما غربى تركيا التى أودت بحياة 301 عامل تسببت كذلك فى فقدان 432 طفلا لآبائهم.
يذكر أن أجهزة الاستشعار قد رصدت ارتفاعا فى معدل الغازات السامة داخل المنجم قبيل وقوع الحادث بيومين، وأن المسئولين بالشركة لم يتخذوا أية إجراءات وقائية للتعامل مع هذه الغازات، وأن أغلب الضحايا لقوا حتفهم نتيجة استنشاق غازات سامة إثر اندلاع حريق داخلى.
وبعدها بأيام قليلة كارثة جديدة حينما أنهار خط أنابيب فى منجم فحم شمال غرب الصين، ما أسفر عن مقتل 11 شخصا وفقدان آخرين.
وكأن هذه الكوارث هى الرأى الثالث بين المؤيد والمعارض للقرار المصرى ويبدو أنه الرأى الفاصل بينهم، خاصة إذا ما ربطناه بما ذكره رئيس وكالة الأمم المتحدة للمناخ فى عام 2013 بضرورة إبقاء معظم مخزون الفحم الحجرى فى الأرض لتجنب احترار عالمى كارثى وما ذكره خبراء البيئة بأن الفحم الحجرى النظيف هو ضربٌ من الخيال.
كل هذه التفاصيل تضعنا أمام أمثلة حية ويفتح المجال للعديد من الأسئلة التى يجيب أن تجيب عليه الحكومة المصرية قبل الشروع فى تنفيذ قراراها.
رحلة فى قرار وزارى.. 2 أبريل تم الإعلان عن استخدام الفحم ضمن منظومة الطاقة واليوم الفصل فى دعوى منع استيراده.. ومحلب: جاء فى وقته ولا أخشى إلا الله.. وخبراء البيئة: الفحم الحجرى النظيف ضربٌ من الخيال
السبت، 24 مايو 2014 08:25 ص
أرشيفية
كتب أحمد الجعفرى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة