مرة أخرى يخرج ملايين المصريين إلى لجان الانتخابات، لانتخاب رئيس، وهى ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، الانتخابات هى الطريق للاختيار، وأن الخطأ والصواب تحدده التجارب، كما أن الثورة والديمقراطية، وسائل وليست غايات فى حد ذاتها.
وإذا كان لدى الآخرين رأى آخر فليقدموه، على أن يقبلوا الخلاف، لكننا أمام ظاهرة غريبة، لزعماء افتراضيين يصرون أنهم على حق، ولم يفكروا فى احتمال أن يكونوا على خطأ. خاصة هؤلاء الذين سبق لهم أن اتخذوا مواقف وأوصوا بها، واتضح أنها خاطئة وفاشلة. وهى أمور تكررت وأدت فى النهاية إلى أن يتخذ المواطنون أو كثير منهم مواقفهم بعيداً عن زعماء سابقين ثبت خطؤهم.
ومع هذا يصر بعض كبار الافتراضيين أنهم على حق، ويبدون الكثير من الدهشة لوجود كثيرين يرفضون رأيهم، ويختلفون معهم، ثم إنهم يواصلون اتهام الشعب وتوجيه اللوم له، ناهيك عن حدوتة الأجيال الأخرى التى تحب الانتخابات، وتصر على استخدام حقها وترفض الاستماع إلى دعاوى المقاطعة.
ولو سألت أياً من أصحاب الياقات الافتراضية، عما قدمه غير الاتهامات، لن تجد أكثر من الاتهامات، ولا يفكرون أنه ربما يكون هؤلاء القادمون أنفسهم على باطل أو أنهم ليسوا على حق.
ثلاث سنوات كانت مراحل.. فى الشهور الأولى كان كثيرون يثقون فى أسماء تصدرت المشهد على أمل أن يقودوا البلد إلى ماهو أفضل، لكن القادة الزعماء انشغلوا بتلميع أنفسهم والحديث فى الفضائيات والبقاء طوال الوقت على شبكات التواصل، ثم إنهم ظلوا يعيشون حالة الثورة، ولم يقدموا بديلاً من أى نوع، انشغلوا بالصدام والخناق. ومن الصعب البحث عن جماعة أو مجموعة أو حزب يمكن الإشارة إليه، باستثناء بعض حركات «رد الفعل». ولما جاءت الانتخابات البرلمانية أعلن أغلبيتهم المقاطعة، وواصلوا الرفض والابتعاد والحديث فى الفضائيات.
وظلوا يراوحون أماكنهم بين الرفض والاتهامات، التى توجه للشعب وتشكك فيه، وبعضهم عصر «ليمون» أو شرب عصيرا، واعترف بخطئه، وما زال يطالب الناس بالسير خلفه، ويتهم الآخرين بعدم الفهم، من دون أن يتطرق ذهنه إلى أنه يمكن أن يكون مخطئا.
وفى النهاية يتفرغ قطاع الافتراضيين، لصب غضبه واتهاماته للأجيال الأخرى، ويظن أنه بهذا أرضى ضميره الثورى الافتراضى. فهو لم يقنع أحدا بفائدة المقاطعة، ولم يفكر فى التصويت ضد خصومه، ولا فكر فى مساندة مرشحه، فقط لايشعل شمعة، ويكتفى بلعن الآخرين والانتخابات والكل كليلة.