لفظ المصالحة كما نعلم أصبح مرتبطا بالمصالحة مع التنظيم الإرهابى المريض، الخائن، وأصبح أكثر لفظ مكروها من المجتمع المصرى، رغم محاولات المصالحة المضنية من عصابة الربيع العربى الفاشل بقيادة أمريكا، ممثلة فى إدارة أوباما، وباترسون، وكيرى، ورايس، وماكين، والاتحاد الأوروبى بقيادة آشتون، وبعض رؤساء ووزراء خارجية الدول الغربية ومنظماتهم المدنية، وحقوق إنسانهم، وأذنابهم فى القاهرة من سياسيين ونخبة، وإعلاميين ونشطاء. لا رجعة للإخوان ولا مصالحة معهم.. انتهى.. وستختفى كلمة إخوان من القاموس المصرى، ويتبقى إرهاب ستحاربه الدولة شعبا وجيشا وشرطة حتى تقضى عليه تماما، حتى لو استغرق عدة سنوات. ولكن هناك كتلة أخرى يجب أن ننظر لها من منظور مختلف.. أنا شخصيا كنت أجهر فى عز عهد مرسى، أن الإخوان ليسوا مصريين، وينتمون إلى الجنسية الإخوانية، فالجنسية ليست حبرا على ورق، وإنما اعتراف بدولة وشعب وحدود. هذه الكتلة الأخرى هى مجموعة من المصريين أشعلوا وشاركوا فى ثورة يناير، وسألقبهم اختصارا بداجمى يناير. وللشرح داجمى من لفظ «دوجما»، ومفهوم الدوجما كما كتبت عنه أكثر من مقال، هو قوالب فكرية جامدة تتحول إلى صنم فكرى، لا يقبل الشك والنقاش. «داجمى» يناير لهم صفات ومواقف متسقة إلى حد كبير، ومن ثم هم كتلة صغيرة فى المجتمع لايتعدون بضعة مئات، وبالكثير بضعة آلاف. صحيح لا يمثلون شيئا يذكر عدديا ولا تأثير فى المجتمع، لكن صوتهم عال فى الإعلام والشبكات الاجتماعية. «داجمى» يناير جزء منهم أخذ موقفا من 30 يونيو، هلعا من هسهس عودة دولة مبارك، وجزء منهم شارك فى 30 يونيو، ثم جاءت له صدمة نفسية من إعلان 3 يوليو بعد استجابة الجيش للشعب (رغم أن نفس الشىء حدث فى ثورة يناير).. جزء منهم كاره للجيش منذ الصغر. تربى على كده.. ونعم التربية!! وهذا يحتاج إلى تأهيل نفسى.. شباب داجمى يناير يتخذ معظمهم للأسف السباب والشتائم بأفظع الألفاظ كمنطق للحوار، وأسلوب لعرض وجهة نظرهم. يتعالون على الشعب وأصبحوا مثل الإخوان، يسبون الشعب، ويصفونه بالجهل والتخلف، لأنه لا يرتقى لفكرهم العالى.. أصبحوا فى عزلة مجتمعية. جزء كبير منهم قاطع الانتخابات وقاطع الاستفتاء، وجزء آخر صوت لحمدين نكاية وكرها فى المشير السيسى.. نخبة «داجمى» يناير وسياسييهم وإعلامييهم وأدبائهم لا هم لهم إلا الإساءة للجيش والشرطة، وتصيد الأخطاء بطريقة مثيرة للشفقة، والكلام عن القمع وعودة الدولة البوليسية، وعودة نظام مبارك عمال على بطال. يتحدثون كثيرا جدا للإعلام الغربى. يستميتون بالباطل للمبالغة فى أى واقعة لإثبات أن الدولة منحازة للمشير السيسى. يتحدثون عن معتقلى رأى بالآلاف، ويتزنق لما تطلب منه الدليل على ذلك، وياخدك فى سكة قانون التظاهر القمعى المتوحش، وبعضهم لم يقرأ قانون التظاهر فى أمريكا وانجلترا وفرنسا والسويد وبريطانيا، وبعض المثقفين منهم قرأوا وقارنوا ولكن الهوى الغالب على فكره. يسبون النساء والشيوخ المشاركين فى الاستفتاء والانتخابات، ويصدرون أكذوبة عزوف الشباب! حاولوا إجهاض قانون انتخابات الرئاسة، ولكن تحطموا عند صخرة عدلى منصور. أنا كنت ضمن هذه المجموعة، وشاركت فى ثورة يناير من بدايتها بل أكثر من ذلك كنت داخل منظومة مبارك، وانقلبت على النظام فى مارس 2010 ولمن يريد أن يزايد فقد كنت فى منصب رفيع فى الدولة، وخسرته وخسرت كل وظائفى بعد ذلك، نتيجة لمواقفى السياسية. ولكن انفصلت عنهم وتباعدنا فكريا قبل جولة الإعادة بين الفريق شفيق ومرسى، عندما بدأت اشتم رائحة المؤامرة، ثم بدأ الاختلاف يزداد بوضوح بعد موقعة الفيرمونت. «داجمى» يناير مازالوا متوقفين عند 11 فبراير 20،11 مازالوا على قناعة أن العادلى هو الذى فتح السجون وضرب الأقسام، وليس حماس والإخوان وحزب الله. يرفضون تماما وجود مؤامرة على مصر تعبدا وخشوعا لصنم إله يناير الذى يعبدونه، ويخشون عليه من التلوث.. ثورة يناير لديهم هدف ربما أغلى من مصر، وليس وسيلة لوطن أفضل. ورغم كل ذلك أتمنى بعد الانتخابات وجود حوار تصالحى مع هذه الكتلة، فهم ليسوا إخوانا وليسوا إرهابيين، فهم مصريون نختلف معهم، ولا نريد لهم العزلة، ولكن شرط الحوار هو الاحترام والابتعاد عن السباب والألفاظ.. والله الموفق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة