عدد كبير من الصحفيين الذين جاءوا إلى مصر لتغطية الانتخابات الرئاسية كانوا يعتقدون أن القاهرة محاصرة، وأن أهلها يعيشون تحت حكم عسكرى لا يرحم، وأن المظاهرات والمسيرات لا تتوقف على مدار الساعة.. «الجزيرة» بالطبع أوحت لهم بذلك، وأيضا الإعلام الغربى الذى لم يستوعب بعد ما حدث، سألنى صديق منهم بصدق: لماذا لا تصححون هذه الصورة؟ وعندما أجبته: لماذا؟، استغرب، هو يعلم أن المصريين أفسدوا أكبر مخطط استعمارى فى التاريخ، وأنهم قرروا أولا استرداد بلدهم، وعازمون على النهوض بشروطهم هذه المرة.. حرصه على صورة مصر فى الخارج أسعدنى لا شك، لكن التصورات المسبقة عن الأوضاع عندنا لها علاقة أكثر بأمراض النخبة التى لا تقيم وزنا للمواطن البسيط الذى يفهم بفطرته أكثر منا، ونحتكم إليه فى المسائل الملتبسة.
المعارضون للمرشح الأوفر حظا نظروا إلى رقص هذا المواطن هو وبناته فى الشوارع، وأمام اللجان نظرة لا تليق، هم يريدونه صوتا انتخابيا فى صندوقهم المرسوم فى الجمجمة، لم يفكروا فى حاجته إلى البهجة وسعادته فى المشاركة، هم يعتقدون أنه ينبغى أن يسمع كلامهم لأنهم يريدون له الخير.. متشكرين يا سيدى، الذين نزلوا هذه المرة هم سادة البلد، كلامهم البسيط عن الاستقرار والأمن ولقمة العيش وتكافؤ الفرص هو الذى سيحاصر الرئيس المقبل، وسيجبره على الإصغاء، أئمة التنظير والحسوكة الذين يبحثون عن مداخل جديدة للبقاء فى المشهد، كمؤيدين أو معارضين للنظام الجديد عليهم أن يقلبوا الموضوع فى دماغهم مرة أخرى، لأن الفرح الذى غمر الناس فى اليومين الفائتين.. حاجة حلوة.