نعى الناعى واحدا من أعز وأنبل أصحاب القلم والكلمة، رحل معلمى وأستاذى سعد هجرس بعد صراع مع مرض عضال، كنا منذ شهور فى عشاء أصدقاء بمنزل المهندس ورجل الأعمال عازر صديق ورفيق عمر عم سعد ومعنا الصحفى المخضرم ماجد عطية وأستاذ الهندسة جون ماهر وزوجته د. ميريم وابنى زكى.
شعرت أن عمى سعد يتألم سألته عما يؤلمه، أجاب: طنين قوى فى أذناى وألم بصدرى، فى سيارة د. جون أسرعنا به إلى الصديق د.عماد حلمى وبعد الكشف أخبرنى الطبيب أنه يشك فى مرض خبيث، أخفيت الأمر وأصريت أن يجرى عمى سعد التحاليل التى أثبتت شكوكنا، لم يهتز الفارس واستمر يمارس الكتابة والحديث فى البرامج، زرته فى مستشفى القوات المسلحة، كالعادة رابط الجأش، يتألم فى صمت، يقاوم بالكتابة، آه يا عمى سعد، من عمق الدلتا نزح إلى السعيدية الثانوية الإخوانى سعد بن هجرس، هناك التقى بمدير المدرسة اليسارى محمد الخفيف، وكما قص لى: لم يهاجم محمد الخفيف الإخوان، بل علمنى القراءة، اصطحبنى للأوبرا، علمنى سماع الموسيقى، صنع لى وجدانا فهجرت التطرف، ومن عمق الوجدان تشكلت لى رؤية إنسانية جديدة، صرت إنساناً. فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى سيق سعد إلى المعتقل بتهمة الشيوعية، وبعد خمسة سنوات خرج من المعتقل وحصل على ليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة، واستكمل بعدها الدراسات العليا بأطروحة عن الانثروبولوجيا السياسية. بدأ هجرس حياته الصحفية بجريدة الجمهورية المصرية، وقد ألف كتاباً فى الفلسفة عن «مدرسة فرنكفورت». يعتبر هجرس من أبرز الكتاب المصريين التقدميين، له العديد من الكتابات والدراسات حول الصراع العربى الإسرائيلى والعولمة، واقتصاديات العولمة الجديدة.
ويعتبر سعد هجرس رائد الصحافة الاقتصادية وشغل مدير تحرير صحيفة «العالم اليوم»، وله دور نضالى كبير فى تأسيس حزب التجمع الذى يشغل عضوية المكتب السياسى للحزب، يذكر أنه كتب 29 يونيو خطاب عزل محمد مرسى، كما سبق له أن شارك فى تأسيس التيار الشعبى. إن كان الوطن قد فقد مفكرا.. والصحافة رائداً، فقد فقدت أباً وصديقاً وأستاذا، وقديما قالوا: «من علمنى حرفاً صرت له عبداً»، ترى ماذا أقول لمن علمنى علما يلغى العبودية؟ إلى اللقاء أستاذى فى عالم أكثر حرية وشفافية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة