عجيب والله أمر السادة الأفاضل الفاهمين لكل فولة، العارفين لكل خبيئة، ولديهم كل الحلول لكل المشاكل، ومع هذا لم يفعلوا طوال الوقت سوى الملامة، وانتقاد الشعب والتقليل من شأنه، فهو لايفهم ولا يعرف مصالحه ولا يروح فى أى مكان يريده السادة «الزعانف».
إذا نزل الناس للانتخابات، تجد من بين الفاهمين من ينتقد نزولهم، وتصويتهم ويراهم عواجيز يريدون العبودية، وإذا لم ينزل الناس، سوف ترى زعانف أخرى تتهمهم بالسلبية والتراخى والتراجع.
والحقيقة أن النزول أو عدم النزول هو موقف لصاحبه، وحتى المقاطعة منها مقاطعة ماهو بموقف، أو اعتراض، مع نوع ثالث يمثل خلطة «فكرية وفوزية» تخلو من موقف، فهؤلاء ليسوا مع السيسى، ولا صباحى، ولا الإخوان، ولا اليسار ولا اليمين، هم مع «أنفسهم». وطالما الواحد مع نفسه، فلماذا يتعب نفسه بمحاولة إقناع الآخرين، أو لومهم. لكن ستجد من بين من دعوا للمقاطعة من طالب حمدين صباحى بالانسحاب، وعندما رفض صباحى، تلقى الاتهامات بأنه لم ينسحب، بناء على طلب من لم يصوت له أصلا.
انتهت الانتخابات الرئاسية ولم ولن يتوقف الكلام من هنا وهناك، ولا أحد يمكنه الادعاء بأن لديه الوصفة النهائية للسياسة، ماذا نفعل؟، ومن يفعل ماذا؟، وحتى اللحظات الأخيرة مازلنا فى الهرى والهرى المضاد، وأهم ما يمكن الخروج به أنه لاقواعد محددة ولا وصفات جاهزة للسياسة. نحن أمام شيخوخة سياسية وإدارية، تحتاج إلى علاج وليس إلى ملامة.
والأمر كله ليس بالسن، ولا بالشكل وإنما بالمضامين، فالذين نزلوا إلى الانتخابات الرئاسية أو الاستفتاءات، أو حتى البرلمانية، منهم من اختار صح، أو اختار بالغلط، وفى الحالين هو اختار ما يراه مناسبا، أو من تصور أنه كذلك بناء على نصائح ومشاهدات، وبعضها مواقف تم اتخاذها بناء على رؤى ونصائح وآراء السادة المنظرين، ولما اكتشف خطأه راح يصححه، وهو جزء من الديمقراطية. لكن يبقى السادة اللائمون، وهم اكتئاب يمشى على قدمين، يخاطبون الناس، وهم يكرهوهم فى عيشتهم وبيشتموا الشعب وعاوزينه يسندهم، ويبذلون جهودا فى البرهنة على خطأ خصومهم أضعاف ما يفعلون للبرهنة على ميزة أفكارهم، وفى النهاية لم يجلس أى من هؤلاء مع نفسه ليسأل، لماذا لايسمع الناس كلامى؟.. وغالبا يرد بأن الناس التانيين ليسوا على حق. والشيخوخة ليست بالسن، ولكنها مثل التسلط.. طريقة تفكير.