ناجح إبراهيم

كيف خدع أحمد الخواجة السادات مرتين؟

الخميس، 29 مايو 2014 05:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نواصل اليوم شهادة د. جامع على مبارك، نائب السادات ورئيس الجمهورية بعده، لنرى كيف ترك د. جامع فرصة القرب من مبارك، وكيف بدأ الاغتراب بينهما، حتى أدخل د. جامع السجن لتنتهى العلاقة بينهما بطريقة دراماتيكية، وتنتهى معها علاقة د. جامع بالسياسة كلها.
سألت د. جامع عن بداية علاقته بمبارك نائب السادات، فأجاب قائلا ً: أنشأ السادات الحزب الوطنى فى منتصف السبعينيات، وبعد إنشائه بأسبوع رشح الحزب الوطنى محاميًا كبيرًا فى انتخابات نقابة المحامين، وترشح ضده المحامى الناصرى الشهير أحمد الخواجة، وعبدالعزيز الشوربجى.
فقلت للسادات: لماذا رشح الحزب هذا المحامى؟.. هل تنوى تزوير الانتخابات فى نقابة المحامين؟!
فقال السادات: يا محمود.. لو زورنا الانتخابات فى كل مكان لن نستطيع أن نفعلها فى نقابة المحامين، وأضاف: «دول لبط يا محمود».
قلت له: إذن، الحل هو دعم أحمد الخواجة، فهو محبوب وذكى رغم ناصريته، والأفضل أن تستقطبه، فقال السادات: «لا أريد دوشة دماغ»، سأرسلك للنائب مبارك لتنهى معه الأمر بطريقتك، وعلى الفور كلم نائبه حسنى مبارك وقال له: سأرسل لك جامع ليشرف على انتخابات نقابة المحامين بالتنسيق معك، و«اللى يقولك عليه فى هذا الأمر نفذه بالحرف».
وذهبت إلى مبارك فى قصر الطاهرة فاستقبلنى استقبالًا طيبًا، وقال لى: لا أعرف شيئًا عن انتخابات المحامين، فقلت له: لا بديل أمامنا سوى دعم الخواجة واستقطابه، فقال لى: سأجهز لك مكتبًا فى قصر الطاهرة لإنهاء هذا الأمر، قلت له: لست متفرغًا حتى يكون لى مكتب.
وبعد حديث طويل قال لى مبارك: اسمع يا جامع، أنا عينى عليك منذ فترة، وأريدك أن تعمل إلى جوارى، وأجهز لك مكتبًا دائمًا لتكون ضمن طاقم عملى فى قصر الطاهرة، ورزقى ورزقك على الله، وسأجهز لك شقة تمليك من شقق ضباط الحراسة، وسأعطيك مرتبًا كبيرًا يعوضك عن عملك فى العيادة.
فقلت له: إننى لا أستغنى عن عملى فى العيادة، ولا أريد تركها.. قال: فكر يا جامع، فلما رفضت ثانية، قال لى: كلام نهائى، قلت: كلام نهائى، وإذا بعلامات الدهشة والضيق ترتسم على وجهه.
قلت للدكتور جامع، وماذا فعل السادات مع الخواجة بعد نجاحه كنقيب للمحامين ؟
قال د. جامع: عندما نجح الخواجة أراد السادات أن يذيع التليفزيون لقاءً معه حتى يظهر للناس علاقتهما الجيدة، وفى هذا اللقاء تعمد الخواجة أن يتلكأ فى مسيره نحو السادات، وكأن السادات هو الذى ذهب إليه، ولما رأى السادات هذا الأمر فى التليفزيون غضب قائلاً: شوف ابن «...» عمل إيه معايا؟، لا يتحرك نحوى، وأنا رئيس الجمهورية الذى أذهب إليه، والله لأردها له، فدعاه فى حديقة استراحة القناطر، وجلس على منضدة ليس فيها إلا الكرسى الذى يجلس عليه، ودعا الخواجة فى حضور المصورين ليظهر الخواجة واقفًا يتحدث مع السادات وهو جالس، وإذا بالخواجة يفسد عليه ترتيبه فيسلم عليه ويجلس على الأرض مباشرة وسط ذهول الجميع، فلما سئل عن ذلك، قال: لم أجد كرسيًا لأجلس عليه، وبذلك غلب السادات مرتين، رحم الله الجميع.
قلت للدكتور جامع: نعود إلى قصتك مع نائب الرئيس مبارك؟
قال: نعم.. فالذى حدث أغرب من الخيال، فقد ربط مبارك بين رفضى للعمل معه ومحاولات السادات خلعه قبل أن يموت، واعتبرنى من رجال السادات، وإذا بالسادات يقتل فجأة فى المنصة ودون سابق إنذار، وإذا بمبارك يعتلى سدة السلطة فجأة، ودون توقع من أحد، ويوجه جام غضبه لكل رجال السادات، ويجرى عملية تجريف سياسى لهم، وعلى رأسهم جيهان السادات التى أراد مبارك أن يلقى القبض عليها لولا أن أمريكا حذرته قائلة: جيهان السادات خط أحمر، فتركها كارهًا، واستدار على أشرف مروان، ومنصور حسن وغيرهما.
ثم إذا به يقابلنى بعد موت السادات فيقول لى فى صورة المازح المغتاظ: إيه يا جامع، إيه أخبار نشاطاتك التجارية مع جيهان السادات، أنا عرفت أن بينكم شغل واسع، ثم مضى دون أن يسمع استنكارى واعتراضى على قوله.
وفى نفس اليوم قابلنى اللواء سامى أبوالمحاسن فى المخابرات العامة، وكان صديقًا لى فقال لى: اتبع سيارتى، حتى دخلت خلفه مبنى المخابرات، ثم صعدنا لمكتبه، فقال لى: اقرأ هذا الخطاب، فقرأت فيه سرى جدًا، من رئيس الجمهورية إلى المخابرات والرقابة الإدارية وأمن الدولة والمدعى الاشتراكى، أرجو التحرى بدقة عن أملاك وعقارات د. محمود جامع وزوجته وأولاده، وعن مدى مشاركتهم لأسرة السادات فى نشاطاته التجارية، مع العرض على رئيس الجمهورية، فتعجبت وحزنت لذلك، وقلت له: أنا رجل نظيف، وليست لى تجارة مع أحد.
فقال لى اللواء سامى: نعم وقد تحرت كل هذه الجهات عنك وأقرت بسلامة موقفك المالى، ورغم ذلك فإننى أنصحك بأن تحل مشكلتك مع الراجل الكبير- أى مبارك- لأنه ينوى لك شرًا، قلت له: ليس بينى وبينه أى شىء.
وبعد عدة أيام فوجئت بمباحث ونيابة أمن الدولة يقبضون علىّ من بيتى ويتحفظون على أموالى، ووضعونى فى سجن طنطا، وحبستنى النيابة مؤقتا 15 يومًا متكررة، وحاول الشيخ الشعراوى زيارتى فرفضوا.
ثم وصلنى مندوب من الرئيس مبارك إلى السجن قائلا ً لى: الرئيس يسلم عليك ويقول لك لا تحزن، واترك القضاء يأخذ مجراه، ثم ذهب إلى بيتى وأنا فى السجن ووعد ابنتى بالتعيين فى أحد البنوك، وفعلا ً تم ذلك.
قلت له: وماذا كانت كلمة القضاء النهائية؟
قال د. جامع: القضاء أنصفنى ورد اعتبارى، وذلك بفضل الله، ثم علم ونزاهة المستشار حسنى عبداللطيف الذى منحنى البراءة، وكتبت حيثيات رائعة تصلح للتدريس فى الجامعات، وقد كتب عنى وعنها وقتها أ. مصطفى أمين، وأ. موسى صبرى وهما من أكابر الصحفيين، وخرجت معاشًا من وظيفتى كوكيل لوزارة الصحة لشؤون التأمين الصحى، واسترددت أموالى وعدت لعملى فى العيادة.
قلت للدكتور جامع: هل قابلت مبارك بعد البراءة؟
قال: نعم، فقد كان هناك اجتماع لأعضاء مجلس الشعب والشورى فى طنطا، وأصر مبارك على حضورى رغم تركى للسياسة تمامًا، فذهبت وجلست فى الصف الأخير، وإذا به يترك الجميع ويسلم علىّ: إزيك يا دكتور جامع، عايز أشوفك بعد الاجتماع، فذهبت إليه وقابلنى منفردًا ومبتسمًا قائلًا: «مالك مكشر ليه، أنت لسه زعلان؟».. فقلت له: وهل نسيت ما فعلته بى، وضعتنى فى السجن، ولوثت شرفى، فقال مبارك: الحمد لله القضاء برأ ساحتك وأنصفك، وهذه رأسك أقبلها «أبوسها 3 بوسات»، فقلت له: قبضنا «أى ما تغنى عنا هذه القبلات بعد ما حدث».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة