قال المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت فى كلمته بمناسبة عيد العمال: «لن نبيع القطاع العام بأبخث الأثمان ودون رؤية واضحة»، استمع ممثلو العمال الذين حضروا إلى هذه الكلمات، بينما كانوا مشغولين بالهتاف ضد الدكتور أحمد البرعى وزير القوى العاملة الأسبق، مما أدى إلى خروجه من القاعة.
بدا للمشاركين فى الاحتفال أنهم حققوا انتصارا مظفرا ضد «البرعى»، بالرغم من أن هذا التصرف يعزز اليقين بأننا أمام حركة عمالية مازالت تعانى من تشوهات وترهلات كبيرة وفساد مستحكم، وبينما يحدث ذلك نجد رأيا أن رئيس الجمهورية لا يختلف عما كان يطرحه مبارك فى مسألة بيع القطاع العام، الذى بدأ بنفى الإقدام على البيع، ثم انتقل الأمر إلى أن البيع سيكون للشركات الخاسرة فقط، وفى النهاية تم بيع «الخاسرة» و«الرابحة»، وفى كل الحالات كان مبارك يقول: «لا بيع بثمن رخيص ودون رؤية».
المفارقة فى كلام «عدلى منصور» أنه يأتى قبل أن يغادر منصبه بأسابيع، وقياسا على ذلك فإنه ليس من المنطقى أن يتحدث بهذا الطرح فى قضية تمثل ماضيا مؤلما بالنسبة للمصريين عامة، والعمال خاصة، إلا إذا كان يعلم ما لا يعلمه أحد فى توجهات المرحلة المقبلة.
هناك مفارقة أخرى تتمثل فى أن المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء أكد أكثر من مرة أنه «لا عودة إلى بيع القطاع العام»، ويتناقض ذلك مع طرح «عدلى منصور» الذى يفتح الباب أمام البيع ولكن وفقا لشروط، ونشتم من ذلك أن مبدأ البيع موجود فيما يقوله الرئيس، وغير موجود فيما يقوله رئيس الوزراء.
فى كل الأحوال نحن أمام قضية ستطرح نفسها بقوة فى المرحلة المقبلة، وبعد انتخابات رئاسة الجمهورية، وأمام الرئيس الذى سيفوز فى الانتخابات اختياران، الاختيار الأول يتمثل فى بيع ما تبقى من شركات وعددها 117 شركة، لم يمسها برنامج الخصخصة
ومن هذه الشركات «الحديد والصلب بحلوان، وغزل المحلة، والسكر، وكفر الدوار للغزل، ومجمع الألومنيوم»، وهذه الشركات كثيفة العمالة، وتعانى من مشاكل كبيرة.
وفقا لتجربة البيع السيئة التى أقدم عليها نظام مبارك، فالمؤكد أن بيع شركات جديدة سينتج عنه مشاكل أعمق، خاصة أن البيع يرتبط على الفور بتصفية العمالة كما حدث فى بيع الشركات الأخرى، وبالتالى فإن الاختيار الثانى يظل هو الأوفق، وأعنى به خضوع هذه الشركات لعلمية إصلاح شاملة، ويحددها القيادى العمالى «كمال عباس»
فى تجديد الماكينات التى أصابها التآكل نتيجة عدم تشغليها منذ سنوات طويلة، وإعادة تشكيل مجالس الإدارات، ويتطلب ذلك إقالة الفاسدة منها، وأن تكون المجلس الجديدة وطنية تسعى لأهداف اقتصادية صحيحة وليست تحقيق مصالح شخصية، تقوم بالإشراف على تطوير الصناعة، وتدريب العمالة للوصول إلى أفضل مستوى للعامل يستطيع من خلاله تحقيق أفضل مستوى إنتاجى.
ورثنا من مبارك تركة خربة، غير أن التعامل فى المستقبل بنفس نهج الماضى، سيؤدى إلى مشاكل عميقة، فمبدأ البيع الذى ترك له الرئيس عدلى منصور الباب مواربا، ثبت أنه لم يكن يحمل أغراضا وطنية فى الماضى، والقضية ليست فى رفع ثمن بيع الشركات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة