إسراء عبد الفتاح

شكر وعظة

الجمعة، 30 مايو 2014 10:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت فى زيارة للبنان منذ أيام قليلة، ووجدت شوارع لبنان مليئة باللافتات التى تشكر الرئيس السابق ميشيل سليمان، الذى انتهت ولايته مؤخرا، وتعبر هذه اللافتات بما تحمل من كلمات عن عرفانها وتقديرها لمجهود الرئيس طوال فترة رئاسته، اختلف الشعب أو اتفق على دور الرئيس فى تلك الفترة، فهذا لا ينفى وجود مثل هذه اللافتات التى تحمل له الشكر والثناء.

وأثناء سيرنا بالسيارة، وصلنا لبلدة الرئيس وموطنه، وكانت اللافتات والصور بحجم أكبر والكلمات أكثر حفاوة، فهم فى انتظار عودته إلى منزله الذى كان يقطن به قبل أن يكون رئيسا، وسواء كانت هذه العودة فقط للزيارة أو للإقامة فإن هذا لا يجعلنا نغفل أنها لحظة مميزة تعطى دروسا مهمة، ونحن قادمون على مرحلة انتخاب رئيس لمصر وبمدة يحكمها الدستور سواء كانت مدة رئاسية واحدة أربع سنوات أو مدتين ثمانى سنوات.

وأول هذه الدروس، أننا فى خلال أيام قليلة سنمر بهذه اللحظة، برغم الاختلافات العديدة بين البلدين والاختلاف أيضا بين سمات اللحظتين، ولكن نحن بصدد أن توشك المرحلة الانتقالية على الانتهاء، وستنتهى مدة حكم الرئيس عدلى منصور، حسب خريطة الطريق المعلنة بعد ثورة يونيو، وسيسلم السلطة إلى من سيفوز بالانتخابات الرئاسية، وسنكون انتهينا من ثانى استحقاق انتخابى فى هذه الخريطة الانتقالية، وسيبقى فقط الاستحقاق الانتخابى الأخير متمثلا فى انتخابات مجلس الشعب.

وقد تولى الرئيس عدلى منصور رئاسة مصر فى أصعب وأشد وأحرج أوقات يمكن أن تمر بها هذه البلاد، كُلف المستشار عدلى منصور برئاسة البلاد بحكم منصبه وقتها كرئيس للمحكمة الدستورية ووافق على التكليف دون أى غضاضة برغم علمه بأنه رئيس مؤقت لأصعب مرحلة انتقالية إلا أنه لم يتأخر وتحمل المسؤولية كاملة دون أى تذمر، ودون أن يشعر الشعب بأنه يصنع جميلا لهم ودون ترديد الأقاويل التى مللناها فى هذا الصدد، خاصة فى الفترة الماضية مثل «لولا فلان ولولا علان كانت البلد فى كذا وكذا»، فكان نموذجا للنزاهة والزهد والعفة، يتحدث قليلا ولكن كلامه مفيد، وفى الأوقات التى ينتظر ويتوقع الشعب منه الكلمة، كان خير ممثل لمصر على كل المحافل الدولية فى هذه المرحلة الحرجة، خاصة فى مؤتمر القمة العربية الأخير فى الكويت، لم يمل أو يكل من الحوارات الوطنية المطولة مع كل أطياف وفئات المجتمع حتى نصل للتوافق الذى يجعلنا نمر بسلام على سلم الاستقرار وبناء الدولة.

نعم حدثت أخطاء وممارسات مرفوضة كل الرفض وانتهاكات كثيرة، وكانت ستحدث فى هذا الظرف السياسى الاستثنائى الفريد تحت حكم أى رئيس كان، ولكن يجب علينا أن نتذكر ونذكر الجميع دوما أن خريطة الطريق كانت تنص على أن تكون أكثر السلطات والصلاحيات فى يد رئيس الوزراء وليست فى يد رئيس الجمهورية، وأن يفوض رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء بعض هذه الصلاحيات والسلطات تدريجيا، وقد فعل الرئيس عدلى منصور ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر تفويضه لرئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوى بإقرار حالة الطوارئ، ولذلك فإن أى انتهاكات مفصلية حدثت فى الفترة الأخيرة سواء كانت فترة رئاسة وزراء الدكتور حازم الببلاوى أو هذه الفترة يتحمل مسؤوليتها بشكل أكبر رئيس الوزراء وليس رئيس الجمهورية.

خلال أيام سنودع هذا الرئيس الذى أنهى فترة مسؤوليته وهو غير طامع فى أى شىء فهل لنا أن نرى فى كل شوارع الجمهورية هذه اللافتات المؤيدة الداعمة الشاكرة لهذا الرجل على فترة حكمه وصبره وحكمته، وتقديرا وإجلالا لهذا الرجل المسؤول أم أننا نجهل هذه الثقافة، وفقط نؤيد وندعم القادم سواء كان بحسن نية أو تأييدا أعمى أو انتظارا لقطعة من كعكة الحكم!!خاصة أننا لم نعهد هذا الرحيل لرؤساء بهذه الطريقة من قبل فقط ولفترة وجيزة لا تتعدى الأيام القليلة حدثت مع صوفى أبو طالب الذى شغل منصب رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة عقب اغتيال الرئيس محمد أنور السادات لمدة ثمانية أيام وذلك من 6 إلى ‏14‏ أكتوبر 1981 حتى تم انتخاب حسنى مبارك من قبل أعضاء مجلس الشعب المصرى آنذاك.

ولكن سيظل الرئيس عدلى منصور هو أول رئيس انتقالى يمكث هذه الفترة التى أوشكت على سنة كاملة من أصعب السنوات التى مرت على مصر وطنا وشعبا، وسيظل أيضا هو الرئيس الوحيد الذى انتخب الرئيس الذى سوف يخلفه فى انتخابات شعبية بعد ثورتين فى خلال ثلاث سنوات.

المستشار عدلى منصور من مواطن لرئيس بحكم ظرف استثنائى ومن رئيس لمواطن بعد انتهاء مهمته على أكمل وجه.. أتمنى ألا يكون ترك الرئاسة بهذه الحالة السلمية الطبيعية هو فقط فى الحالات الاستثنائية الانتقالية، وأن تشهد مصر حالة ترك الرئيس السلطة سلميا بعد انتهاء مدته ويعود مواطنا طبيعيا يصطف فى صفوف الجماهير، وألا نكرر أسوأ ما كان فى العهد البائد مرة أخرى، ونشهد تعديلا دستوريا يمكن الرئيس من السلطة حتى الوفاة أو الخلع أو العزل!!

حمى الله مصر والمصريين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة