من جديد أذكر هذه القصة للرئيس البرازيلى السابق «لولا دا سيلفا» والتى رواها بنفسه فى آخر خطاب له وهو يسلم السلطة فى يناير 2010.
أجهش «دا سيلفا» بالبكاء حين تحدث عن خسارته للانتخابات فى أعوام 1989 و1994 و1998، ثم فوزه بها عام 2002، قال «دا سيلفا»: «خسرت لأن جزءا من الفقراء لم تكن لديهم ثقة فى»، وحكى كيف أن امرأة فقيرة قالت له يوما: «لم أصوت لك لأنك ستأخذ كل ما أملك»، وأضاف أنه أخبر زوجته بأنه خائف لأن الناس الذى يريدون منه مساعدتهم يخافون منه، فنصحته بتكرار المحاولة لأنه محقق غايته يوما ما.
المفارقة هنا أن الفقراء الذين ترشح «دا سيلفا» من أجلهم هم الذين لم ينتخبوه فى المرات التى فشل فيها، ثم انتخبوه بعد ذلك ليقود شعبه إلى معجزة اقتصادية كبيرة، وذكرت هذه القصة من قبل وقت اشتداد الحملة الشعواء ضد حمدين صباحى أثناء فترة الدعاية الانتخابية، على سبيل أن حمدين وفى حدود معرفتى الطويلة به بينه وبين الأمل عقد مكتوب لا ينفض أبدا، وأنه يستمد نقاءه وصلابته من تواجده بين الناس.
وقت أن كتبت قصة «داسيلفا» قرأت أيضا كلمات مختصرة جميلة كتبها الكاتب الصحفى الزميل أنور الهوارى عن «حمدين»، فرغم تأييده لـ«السيسى»، فإنه كتب فى صفحته على «الفيس بوك»: «رجل لا يعرف الحقد على أحد، رجل لا تصدر منه الإساءة إلى أحد
رجل سياسة واقعى إصلاحى، يتكيف مع الزمن، لديه موهبة البقاء فى قلب العملية السياسية، عيوبه هى عيوب زمانه وحقبته، نقاط ضعفه هى محصلة التوازنات السياسية المصرية التى تتضاءل أمامها قوة الفرد، هو ابن الدولة لكنه بين الناس، هو ابن الواقع لكنه مستشرف لفكرة الثورة، هو فى عمر الشيوخ لكنه فى همة الشباب.. حمدين مصرى جميل».
يقودنا ما سبق إلى طرح السؤال الذى يشغل الجميع: «ماذا عن مستقبل حمدين؟ هل تعد نتيجة الانتخابات إعداماً سياسياً له؟»، ومن قصة «دا سيلفا» قد نصل إلى مفتاح لمستقبله، وقد نصل إلى مفتاح آخر مما قاله «الهوارى»: «لديه موهبة البقاء فى قلب العملية السياسية»، وفى كل الأحوال أثبت حمدين برفضه الانسحاب بعد مد الانتخابات يوما ثالثا، أنه رجل دولة يدرك تماما المصلحة الوطنية العليا، وتبنى الموقف الصحيح دون انفعال والوقوع تحت ضغط تأثيرات انفعالية، وكان ذلك ردا منه على كل السفهات ضده ومنها سؤال «هو أدار إيه، وأصله متجربش».
مستقبل «حمدين» محكوم فى جانب منه بأخطاء السلطة الجديدة ومدى قربها وبعدها مما طرحته ثورة 25 يناير، فإذا انحازت للثورة ومطالبها، ولنفس الأهداف التى ناضل من أجلها «حمدين»، فسنكون أمام مستقبل حقيقى لمصر يتمثل فى نقل الثورة من «الميادين إلى الدواوين»، وهذا شعار ردده حمدين كثيرا قبل وأثناء وبعد الانتخابات، وفى هذه الحالة لن يكون أمامه غير الانخراط فى الصف الوطنى الجامع
أما إذا حدث العكس فسيكون أمامه عبء بناء صف وطنى معارض يبقى هو رمزه الأكبر، حيث سيتذكر الناس أنه هو الذى امتلك شجاعة الترشح رغم كل الصعاب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة