الوقت والظرف السياسى وتوتر العلاقات بين البلدين لم يسمح، فى ظنى، لوزير الخارجية نبيل فهمى أن يعيد على ذاكرة جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى
خلال المؤتمر الصحفى بين الجانبين فى واشنطن الأسبوع الماضى، سيرة الجرائم الإنسانية التى ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال العشر سنوات الأخيرة فقط، رداً على «توتر» و«قلق» و«غضب» كيرى وإدارته المرتبكة من أحكام الإعدام ضد عناصر جماعة الإخوان الإرهابية والصادرة من محكمة جنايات المنيا.
ربما منعت أصول الإتيكيت والبروتوكول والعرف الدبلوماسى المعتاد، فى مثل هذه المناسبات، وزير الخارجية من الرد الواضح والقاطع على وزير الخارجية الأمريكية على طريقة المثل الشعبى «لا تعايرنى ولا أعايرك»، رغم أن هذه الأصول لم تمنع كيرى من الرفض علانية فى المؤتمر الصحفى لأحكام القضاء المصرى، مع أن ذلك يعتبر تدخلاً سافراً فى الشؤون الداخلية للدول التى نصت عليها مواثيق الأمم المتحدة.
هل كان يجوز للوزير نبيل فهمى أن يرد بقسوة على كيرى؟
بالمنطق الشعبى، نعم يجوز، فالوزير الأمريكى لم يراع ِ الأصول الدبلوماسية بالتعليق على «شأن مصرى خالص» وبأحكام قضاء مستقل فى دولة لها استقلاليتها وسيادتها، وكان لا بد من تذكيره - إن كان ناسياً ومتناسياً - بأن الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة سجل طويل فى ارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية والقتل الجماعى فى أفغانستان والعراق التى قتلت فيه أكثر من مليون إنسان فى أكبر كذبة سياسية فى التاريخ، وكانت بشائع سجن أبوغريب خير شاهد. الولايات المتحدة صاحبة أغرب محاكمة فى التاريخ لآلاف الأسرى فى سجن جوانتانامو خارج سياق القانون الدولى والإنسانى، مارست فيه واشنطن أبشع صور التعذيب والقهر والقتل لنزع الاعترافات من السجناء الذين لم يقاضوا ويحاكموا أمام قضاء طبيعى أو أى قضاء.
الأكثر من ذلك أن هناك دراسات أمريكية أجرتها الأكاديمية الوطنية للعلوم تكشف عن ارتفاع كبير فى عدد الأبرياء الذين صدر بحقهم أحكام بالإعدام فى الولايات المتحدة، وتوضح أن واحداً من كل 25 شخصا يصدر ضدهم أحكام بالإعدام يكون بريئاً، وتقول الدراسة: «لو كان معدل البراءة الفعلية هو 4.1%، أى أكثر من ضعف نسبة من يتم تبرئتهم، فإن عدداً غير معلوم من الأبرياء تم إعدامه».
هذه هى أمريكا أم «المعايير المزدوجة» التى تضغط من أجل الديمقراطية التى تخدم مصالحها فقط.