محمد الدسوقى رشدى

السيسى فى «أرض النفاق»

الأحد، 04 مايو 2014 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
(1)
الأذن السليمة التى لا تخضع لهوى أو تستميلها مصلحة، تصطاد بسهولة النغمة «النشاز» من بين اللحن المعقد، وتستطيع بسهولة أيضاً أن تخبرك بتأثيرها على مستقبل اللحن والأغنية المصاحبة له.
(2)

مجموعة الضمائر المستيقظة التى لا تخضع للهوى الشخصى، ولا تجرفها لعبة المصالح، تعرف أن داخل اللحن السياسى الذى تعزفه مصر حاليا «نغمة نشاز» يقودها مجموعة من الموالسين والمطبلاتية، ينافقون المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى كما لم ينافق منافق من قبل.

نفس المجموعة تعلم أن للنغمة النشاز التى يعزفها المنافقون جزءا ثان يعزفه المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى، بصمته على كل أفعال النفاق هذه،والصمت كما علمونا الأهالى فى الأزمان الماضية، علامة رضا يؤكدها مايردده كورال الحملة الرسمية للمشير قائلين: (يعنى عاوزين المشير يعمل إيه؟، يقول للناس تبطل تحبه؟، يدبحهم يعنى؟).

نحن لا نريد ذبحاً ولا قطع صلة، نحن فقط نذكركم أن أغلب من صدح بنفاقه على الشاشات، كان على رأس قوائم الحاضرين فى كل لقاءات المشير، وأكثرهم حظوة فى الحصول على اهتمامه حسب ماينقله الحضور، نحن فقط نذكركم بأن الحملة الرسمية تشجع المنافقين من أسفل الترابيزة كما حدث وتم نشر مقال غادة الشريف «بس انت تغمز ياسيسى» على الموقع الرسمى للحملة الانتخابية، ثم تم حذف المقال بعد انتشار الفضيحة، نحن فقط نذكركم أن الفيلم الدعائى الفج فى نفاقه، والذى تم نسبه إلى الحملة الشعبية تم الاتفاق على ضيوفه وتحديد الشكل الأخير فى مونتاجه تحت رعاية أشخاص من الحملة الرسمية.
3

أنت تكره النفاق.. صح؟
تشعر برغبة كبيرة فى التقيؤ والغثيان من قصائده ومن أهله.. صح؟

قبل شهور من الآن كنت تسمعهم يتحدثون عن مرسى، وكأنه صلاح الدين الأيوبى منقذ الأمة، وكاشف الغمة، كنت تسمعهم يصفونه بالرئيس الربانى المؤيد إلهياً، والمصطفى سماوياً، وكان بعضهم يبتذل نفسه ودينه لدرجة الادعاء بأنه شاهد رؤيا لمرسى وهو يصلى إماماً بالأنبياء، ومن بينهم النبى محمد عليه الصلاة والسلام..

الآن تسمعهم يتحدثون عن عبدالفتاح السيسى، وكأنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ مصر، يقول عنه البعض عبدالناصر الجديد، بينما يتغزل آخرون فى ملامحه وشجاعته، وكأن أعينهم لم تر رجلاً غيره قط، وتنشر حملته الرسمية مقالا لكاتبة تدعوه لأن يغمز بعيونه، ويأمر لكى تتحرك مصر، ويدعوه آخر أن يرتبط بمصر بعقد غير محدد المدة.

ثم يبتذل شاعر مغمور معنى الشعر والأدب، ومعنى شعبية الرجل التى فاز بها عقب موقفه من مظاهرات 30 يونيو، ويكتب له قائلاً: «نساؤنا حبلى بنجمك»!!

(4)
فى نهج البلاغة يقول سيدنا على - رضى الله عنه - احترسوا: من صور الإطراء والمدح، فإن لهما ريحا خبيثة فى القلب، وإياكم والإعجاب وحب الإطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان، ويقول أيضاً إن كثرة المدح لمن يملكون الجاه والمال والسلطة تدهشهم حتى لتأخذهم العزة بالإثم، لما يدهش المدح فكرهم، ويشوش صوابهم، فيجعل الممدوح يشط فى أفعاله عن الصواب والحق.

(5)
إذن هل يجوز لنا أن نسأل: لماذا لا يرفض السيسى أو الرئيس أو المدير أو السلطان مديح المنافقين؟، لماذا لا يرفض قصائدهم، ومبالغتهم، ويطلب منهم الخرس عن الموالسة منعاً للفتنة.. فتنة الناس أو فتنة نفسه؟

السؤال أيضاً يتضمن حديثاً حول مسؤولية الممدوح – أياً كان اسمه أو رتبته أو منصبه - عن تمادى المنافقين فى نفاقهم.. باختصار نريد أن نفكر لماذا نكره المنافق ونرفضه، ولا نكره من رضى بالنفاق واستحسنه، ونكتفى بالقول لماذا نحمله وزر تصرفات المنافقين؟

بصيغة أخرى.. لماذا نقول دوماً أن الصمت علامة كبرى من علامات الرضا، ولا نرى صمت السيسى مثلاً أو كبار رجال الدولة عموماً على من ينافقهم، وعدم ردعهم نوعا من الرضا والاستحسان، يدفعهم لابتذال نفاقهم أكثر وأكثر؟
(6)

يقول الشاعر:
يهوى الثناء مبرز ومقصر.. حب الثناء طبيعة الإنسان

وفى حديث المقداد رضى الله عنه، أن رجلاً جعل يمدح عثمان رضى الله عنه، فعمد المقداد، فجثا على ركبتيه، فجعل يحثو فى وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا فى وجوههم التراب».
وفى فتح البارى لابن حجر شرح أكثر لمعنى «حثوا فى وجوههم التراب»، حيث قال العلماء إن المقصود بذلك أن يعمل الممدوح أو السلطان على أن يجعل المنافق لا يجنى من حصاد مديحه سوى الخيبة والحرمان، بينما قال آخرون إن المقصود هو أن يأخذ السلطان أو الحاكم التراب بيده، وينثره فى وجه المنافق، بينما القول الثالث فى شرح الحديث يقول بأنه على السلطان أو الحاكم أو الممدوح، أن يأخذ التراب بين يديه، حتى يتذكر أن مصيره إلى التراب فلا يطغى عليه نفاق المنافقين..

وفى موضع آخر نرى طريقة نبوية للرد على المنافقين، حيث سمع النبى عليه الصلاة والسلام من بعض المسلمين ثناء عليه متكلفاً، فقد قيل له: يا سيدنا وابن سيدنا، ويا خيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبدالله، عبدالله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعونى فوق منزلتى التى أنزلنى الله عز وجل».
(7)

هل أدركت الآن لماذا أرفض إخلاء مسؤولية عبدالفتاح السيسى من موجات النفاق المحيطة به، وتبرئته من نفاق المنافقين؟! هل أدركت أن الكارهين للنفاق والمنافقين يبرهنون على ذلك بقمع المنافق، ورفض مايأتى به والعمل على خذلانه وفضحه أمام الناس، ومنعه من مواصلة موالسته، وأن من يدعى أنه يكره النفاق بينما هو يشجعه، يكتفى بفكرة الصمت، وهزهزة أكتافه على طريقة «وأنا أعمل إيه يعنى هم اللى بيحبونى»؟

من يرتضى النفاق اليوم تحت مظلة الحب، سيفتح قلبه غدا لما يخلقه النفاق والمنافقون من زهو وحب للدنيا، ومن يرضى للغرور والزهو أن يسكنا قلبه يرضى بأن يتحول إلى الهيئة التى تخدم زهوه وغروره بنفسه، ولن يجد أفضل من هيئة الديكتاتور لكى تقدم له تلك الخدمة.. باختصار وعلى طريقة الإعلانات لعبة الحاكم الفرد هى التطور الطبيعى للعبة استحسان النفاق والصمت على المنافقين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة