فى الذكرى الرابعة لرحيله...

محمود السعدنى.. رحلة طويلة من الشقاوة وتأسيس حزب الكنبة

الأحد، 04 مايو 2014 12:21 م
محمود السعدنى.. رحلة طويلة من الشقاوة وتأسيس حزب الكنبة محمود السعدنى
كتب أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستطيع أن يعرف جدنا من هزلنا، فنحن نجد فى ساعة الهزل، ونهزل فى ساعة الجد، مأساتنا أعمق من مأساة أبناء كاليونى، وهى المأساة التى حددها كاليونى نفسه حين قال "مأساة أولادى أنهم يتكلمون حين يجب أن ينصتوا، وينصتون حين يجب أن يتكلموا". مأساتنا أعمق من مأساة كاليونى؛ لأن الحمير "تبعنا" يحاربون حين يجب أن يتفاوضوا، ويتفاوضون حين يجب أن يقاتلوا، إنها سمة حياتنا وعلامة جنسنا.

تحل اليوم ذكرى رحيل "الولد الشقى" صاحب هذه الكلمات، أحد أهم رواد الكتابة الساخرة فى الصحافة العربية، وصاحب أشهر مصطلح سياسى "حزب الكنبة"، الذى بـات مصطـلحًا أساسـيًا ورئيــسيًا مـنذ قـيام ثورة 25 يناير، وهو الصحفى والكاتب الساخر محمود السعدنى (20 نوفمبر 1928 ـــ 4 مايو 2010).

ولد "السعدنى" فى منطقة الجيزة بالقاهرة الكبرى، عمل فى بداية حياته الصحفيه فى عدد من الجرائد والمجلات الصغيرة التى كانت تصدر فى شارع محمد على بالقاهرة، عمل بعدها فى مجلة "الكشكول" التى كان يصدرها مأمون الشناوى حتى إغلاقها، ثم عمل بالقطعة ببعض الجرائد مثل جريدة "المصرى" لسان حال حزب الوفد، وعمل أيضاً فى دار الهلال كما أصدر مع رسام الكاريكاتير طوغان مجلة هزلية أغلقت بعد أعداد قليلة.

أيد السعدنى ثورة يوليو، وعمل بعد الثورة فى جريدة الجمهورية التى أصدرها مجلس قيادة الثورة وكان رئيس مجلس إدارتها أنور السادات ورئيس تحريرها كامل الشناوى، بعد تولى السادات منصب رئاسة البرلمان المصرى، تم الاستغناء عن خدمات محمود السعدنى من جريدة الثورة أسوة بالعديد من زملائه منهم بيرم التونسى وعبد الرحمن الخميسى.

أثناء زيارة صحفية للسعدنى إلى سوريا قبيل الوحدة بين البلدين، طلب أعضاء الحزب الشيوعى السورى من السعدنى توصيل رسالة مغلقة للرئيس جمال عبد الناصر فقام بتسليمها لأنور السادات دون أن يعلم محتواها. وكان فى الرسالة تهديدا لعبد الناصر، لذا تم إلقاء القبض عليه وسجن ما يقارب العامين أفرج عنه بعدها.

ثم عمل بعد ذلك فى مجلة روز اليوسف الأسبوعية مديرًا للتحرير عندما كان إحسان عبد القدوس رئيس التحرير وكانت روزاليوسف حينها مجلة خاصة تملكها فاطمة اليوسف والدة إحسان، ثم وتولى رئاسة تحرير مجلة صباح الخير.

عقب وفاة عبد الناصر حدث صراع على السلطة بين الرئيس أنور السادات وعدد من المسؤلين المحسوبين على التيار الناصرى مثل شعراوى جمعه وسامى شرف ومحمود فوزى وغيرهم الكثير، انتهى الصراع باستقالة هؤلاء المسؤلين، واعتقال السادات لهم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة محاولة الانقلاب، وكان اسم محمود السعدنى من ضمن أسماء المشاركين فى هذا الانقلاب وتمت محاكمته أما "محكمة الثورة" وأدين وسجن.

وبعد قرابة العامين فى السجن أفرج عن السعدنى ولكن صدر قرار جمهورى بفصله من صباح الخير ومنعه من الكتابة بل ومنع ظهور اسمه فى أى جريدة مصرية، وبعد فترة قصيرة من المعاناة قرر السعدنى مغادرة مصر والعمل فى الخارج.

توجه السعدنى إلى بيروت حيث استطاع الكتابة بصعوبة فى جريدة السفير، وكان السبب فى صعوبة حصوله على فرصة عمل هو خوف أصحاب الصحف فى بيروت من غضب السادات، وقبل اندلاع الحرب الأهلية غادر السعدنى إلى ليبيا للقاء القذافى والذى عرض عليه إنشاء جريدة أو مجلة له فى بيروت، إلا أن السعدنى رفض، خوفاً من اغتياله على يد تجار الصحف اللبنانيين والذين سيرفضون بالتأكيد هذا الوافد الجديد والذى سيعد تهديداً لتجارتهم الرائجة.

وفى عام 1976 سافر السعدنى إلى أبوظبى للعمل كمسئول عن المسرح المدرسى فى وزارة التربية والتعليم فى الإمارات، ولكنه لم يستمر بها طويلاً، لذا قبل بالعرض الذى تقدم به عبيد المزروعى وهو إدارة تحرير جريدة الفجر الإماراتية، وتم مصادرة أحد أعداد جريدة الفجر من الأسواق بسبب مانشيت أغضب السفارة الإيرانية فى أبوظبى.

وبعد ضغوط إيرانية على حكومة الإمارات أضطر السعدنى إلى مغادرة أبوظبى، وذهب إلى الكويت حيث عمل فى جريدة السياسة الكويتية مع الصحفى أحمد الجار الله ولكن تلك الضغوط لاحقته هناك أيضاً فغادر إلى العراق ليواجه ضغوط من نوع جديد، وهى ممارسات الموظفين العراقيين المسئولين فى مكتب مصر بالمخابرات العراقية الذين مارسوا ضغوطاً كبيرة عليه لإخضاعه، فكان قراره بعد لقاء مع نائب الرئيس العراقى فى ذلك الوقت صدام حسين بمغادرة العراق إلى لندن.

تمكن السعدنى بالاشتراك مع محمود نور الدين ضابط المخابرات المصرى المنشق على السادات، والكاتب الصحفى فهمى حسين مدير تحرير روز اليوسف الأسبق ورئيس تحرير وكالة الأنباء الفلسطينية، وفنان الكاريكاتير صلاح الليثى وآخرين من إصدار مجلة 23 يوليو فى لندن وكانت أول مجلة عربية تصدر هناك والتى حققت نجاحاً كبيراً فى الوطن العربى وكانت تهرب إلى مصر سراً، التزمت المجلة بالخط الناصرى وكان السعدنى يتوقع أن تلقى المجلة دعماً من الأنظمة العربية الرسمية إلا أن ذلك لم يحدث، وحوصرت المجلة مالياً من أنظمة دول ترفع شعارات عروبة مثل العراق وليبيا وسوريا، ثم عاد إلى مصر من منفاه الاختيارى سنة 1982 بعد اغتيال السادات وأستقبله الرئيس مبارك.

من كتابات السعدنى كتب فى أدب السيرة الذاتية فى الأدب العربى، وقد كتبها فى سلسلة من الكتب وحملت عناوين: الولد الشقى "قصة طفولته وصباه فى الجيزة، الولد الشقى"قصة بداياته مع الصحافة، الولد الشقى فى السجن"صور متنوعه عن شخصيات عرفها فى السجن، الولد الشقى فى المنفى "قصة منفاه بالكامل".

كما له العديد من الكتب التى تناولت مواضيع متنوعه منها "مسافر على الرصيف، السعلوكى فى بلاد الإفريكى، الموكوس فى بلد الفلوس، وداعاً للطواجن، رحلات أبن عطوطه، أمريكا يا ويكا، حمار من الشرق" وغيرها الكثير.

اعتزل السعدنى العمل الصحفى والحياة العامة سنة 2006 بسبب المرض، ورحل عن عالمنا يوم الثلاثاء 4 مايو 2010 عن عمر يناهز 82 عاماً إثر أزمة قلبية حادة.

وترك لمحبيه رسالة حتى يهون عليهم ألم الفراق، ويقول عن نفسه "رغم الظلام الذى اكتنف حياتى، ورغم البؤس الذى كان دليلى وخليلى، إلا أننى لست آسفاً على شئ، فلقد كانت تلك الأيام حياتى،! ومن عين تلك الأيام، ومن رحيق تلك الليالى خرج إلى الوجود ذلك الشىء الذى هو أنا!؟.... أمضاء الولد الشقى محمود السعدنى.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة